سوء الإدارة وتواضع مستوى اللاعبين يهددان الفريق التونسي.
مصير غامض ينتظر النادي الأفريقي هذا الموسم، النتائج إلى حد الآن مخيبة جدا للآمال، فبعد مرور ست جولات على بداية منافسات الدوري المحلي لم يقدر الفريق على تحقيق الفوز سوى في مناسبة واحدة، قبل أن ينحني ويتكبد الخسارة في أربع مباريات متتالية جعلته يحتل مركزا مؤديا للهبوط إلى الدرجة الثانية. ليكون مصير أحد أعرق الفرق التونسية غامضا، ولا أحد قادر على التكهن بقدرة مسؤوليه الحاليين على تجنب السيناريو الكارثي.
تونس - عاش الأفريقي طيلة العشريتين الأخيرتين على وقع تقلبات عديدة، لقد عانى من أزمات كبيرة وغاب لمواسم عن منصات التتويج، هذا الفريق فقد بريق حقبة الستينات من القرن الماضي وكذلك التسعينات، فبعد أن كان يصول ويجول محليا وقاريا وذلك بمنح تونس أول لقب ضمن مسابقة كأس أفريقيا للأندية البطلة (دوري الأبطال حاليا)، لم يعد اليوم قادرا على مزاحمة كبار القارة وبات رقما ضعيفا في المسابقات الأفريقية.
الأمر لا يقتصر فقط على الحضور الخارجي بل كانت تتويجاته المحلية مقارنة ببقية الفرق وخاصة الترجي التونسي ضعيفة ودون مستوى تطلعات أنصاره الذين يعدون بالملايين في تونس، بيد أن الأمر الجلل والأكثر خطورة والذي لا يقارن بما حصل في السنوات الماضية، هو هذا التراجع الرهيب الذي عرفه الفريق على مستوى الأداء والنتائج هذا الموسم.
وتراجع لم يسبق أن حصل على امتداد مشاركات النادي في الدوري المحلي، فالأفريقي تلقى أربع هزائم متتالية ولم يقدر على حصد أكثر من أربع نقاط من مجموع 18 ممكنة، بيد أن الأخطر من ذلك أن هذه الهزائم لم تأت صدفة بل كانت نتيجة منطقية للأداء المتواضع للغاية الذي ظهر به الأفريقي في كل هذه المباريات.
صلوحية منتهية
أجمع أغلب المحللين والمتابعين للشأن الكروي في تونس أن مجموعة اللاعبين الحالية للنادي الأفريقي لا يمكنها بأي حال من الأحوال أن تتألق وتبرز وتقود الفريق إلى تحقيق نتائج لافتة، لقد خسر النادي عددا من لاعبيه المؤثرين خلال المواسم الأخيرة على غرار أسامة الحدادي نجم نادي ديجون الفرنسي حاليا وصابر خليفة الذي انتقل في أعقاب الموسم الماضي إلى الدوري الكويتي، لكن بالتوازي مع ذلك لم يحصل الترميم اللازم، ليحصل تصدع كبير عجّل بحصول هذه الانتكاسة في بداية الموسم.
ورغم إقالة المدرب السابق البلجيكي جوزيه ريغا وتكليف التونسي شهاب الليلي بتولي المهمة على رأس الفريق منذ حوالي أسبوعين إلا أن دار لقمان بقيت على حالها، بعد أن تكبد الفريق الخسارة ضد الصفاقسي خارج ملعبه ثم البنزرتي داخل قواعده، الأمر الذي دفع المدرب الجديد للحديث عقب المباراة الأخيرة عن تواضع أداء بعض اللاعبين، قائلا لـ”العرب”، في هذا السياق “أنا حزين بسبب تواصل النتائج السيئة، لقد حاولت أن أصلح بعض النقاط، لكن الأمور لا تسير بالشكل المطلوب، من الواجب الاعتراف بأن بعض اللاعبين غير قادرين على تقديم الإضافة، ولهذا السبب تحققت هذه السلسلة السلبية من النتائج التي لم يعرفها النادي سابقا على امتداد تاريخه”.
ومضى الليلي في قوله معتبرا أن الوضعية حرجة للغاية خاصة وأن فريقه يحتل مركزا متأخرا للغاية، لكنه فتح بابا للأمل مشددا على ضرورة توحيد كل الجهود من أجل تحسين واقع الفريق وتطوير قدراته من خلال التعويل على اللاعبين الأكثر حضورا وقدرة على البروز. وفي سياق متصل توجهت أصابع الاتهام لعدد من اللاعبين الذين كانوا في ما مضى من ركائز الفريق لكن رغم تقدمهم في السن وتراجع مستواهم خلال المواسم الأخيرة إلا أنهم مازالوا يلعبون ضمن الأساسيين.
ولم تقدم الإدارة الحالية للأفريقي ما يشفع لها بتسيير النادي، فمنذ انتخابه موفى الموسم الماضي رئيسا للفريق لم يقدر عبدالسلام اليونسي وباقي الإطار الإداري المساعد له على وضع تصورات واضحة وثابتة تساعد الأفريقي على الاستثمار في بعض نجاحات الموسم الماضي إذ تمكن الفريق من التتويج بكأس تونس وتوصل إلى إنهاء الدوري المحلي في المركز الثاني المؤهل للمشاركة خلال السنة الجديدة ضمن منافسات دوري الأبطال.
لقد طغى التسرع والارتباك وكذلك العشوائية في عمل هذه الإدارة، وبخاصة في ملف التعاقدات، إذ وقع التعاقد خلال الميركاتو الشتوي مع حوالي 19 لاعبا، لكن أغلبهم لم يشارك بعد في أي مباراة رسمية، فضلا عن ذلك غابت كليا إضافتهم باستثناء صانع الألعاب أسامة الدراجي الذي يعتبر حاليا من اللاعبين المؤثرين في الفريق.
ولم تقدر الإدارة على التعامل أيضا بحكمة مع ملف الجهاز الفني، إذ وقع قبيل بداية الموسم التعاقد مع الفني البلجيكي ريغا، وقد صرح القائمون على النادي آنذاك أن هذا المدرب سيواصل العمل مع الفريق إلى نهاية الموسم مهما كانت النتائج بحكم خبرته وقدرته على تطوير واقع الأفريقي، لكن وقعت إقالته بعد 4 جولات فقط من بداية منافسات الدوري.
لكن ما يشفع نسبيا للإدارة الحالية للأفريقي أن المشاكل المالية ألقت بضلالها على واقع الفريق وجعلته يعاني الأمرين من أجل دفع الديون المتراكمة منذ سنوات، حيث كان الفريق ملزما بدفع أموال طائلة لعدد من اللاعبين والمدربين السابقين تجاوزت قيمتها حوالي 4 مليون دينار، وهو ما ساهم في تشتت عمل الإدارة الحالية التي أخفقت أساسا في التعامل مع ملف المنتدبين، لتكون النتائج تبعا لذلك سيئة إلى حد الآن.
إعادة تقييم
لئن يعتبر البعض أن المهمة ليست مستحيلة إلا أن الخروج من المأزق يتطلب بالضرورة إعادة تقييم للرصيد البشري المتوفر حاليا بالفريق والقيام ببعض الانتدابات الضرورية خلال “الميركاتو” الشتوي مع منح الفرصة للاعبين الشبان، إضافة إلى حتمية غلق كل الملفات المتعلقة بالديون المتراكمة منذ فترة، وفي هذا السياق صرح رئيس النادي عبدالسلام اليونسي مؤخرا قائلا “الأفريقي سيتعافى قريبا، لقد اقتربنا من حسم أغلب الملفات المتعلقة بالديون المتخلدة بالذمة، سنعمل على تجاوز الفترة الصعبة من خلال إعادة تقييم قدرات الفريق ولم لا تعزيزه بلاعبين أكثر كفاءة خلال الفترة المقبلة”.
مراد البرهومي / كاتب صحافي تونسي