ما حدث في دربي العاصمة يذكرنا بأحداث الملاعب سنة 2008، وهذا يعود إلى أسباب عديدة ومتشابكة. أهمها هو خطاب الكراهية بين المسؤولين في الجمعيات الرياضية الذي تتبناه البلاتوهات الإذاعية والتلفزيونية ووسائل التواصل الاجتماعي. بالإضافة إلى التدهور الاقتصادي والمالي للجمعيات الذي أثر كثيراً على الأداء والمنافسة الشريفة، وتدهور الوضع الاجتماعي في البلاد. كل هذا يغذيه غول المخدرات.
كل من يتابع المباريات الرياضية يعلم أن فئة كبيرة من الجماهير التي تحضر الملاعب لا علاقة لها بالرياضة، بل هم مدمنو مخدرات واستهلاك حبوب الإكستازي، مما يدفعهم إلى أعمال العنف والتخريب. المخدرات وحبوب الإكستازي والكبتاغون المتناثرة في البلاد لم تعد مقتصرة على أصحاب السوابق العدلية فقط، بل هذا الغول اقتحم الملاعب والمؤسسات التربوية وبدأ يقرع طبول الحرب في تونس.
خطاب الكراهية وتفاقم التوترات
في السنوات الأخيرة، شهدت المنابر الإعلامية والتواصل الاجتماعي تصاعداً في خطاب الكراهية والتحريض بين المسؤولين في الجمعيات الرياضية. هذه التصريحات الاستفزازية تزيد من حدة التوتر بين الجماهير وتغذي العداء والانقسام. بدلاً من تعزيز روح المنافسة الشريفة، يساهم هذا الخطاب في خلق بيئة عدائية ومشحونة، مما يزيد من احتمالات اندلاع أعمال العنف.
تدهور اقتصادي ومالي
التدهور الاقتصادي والمالي للجمعيات الرياضية له تأثير كبير على الأداء العام للمباريات والمنافسات. مع قلة الموارد المالية والدعم، تجد الفرق صعوبة في تقديم مستوى جيد من الأداء، مما ينعكس سلباً على مستوى المنافسة ويزيد من حدة الاحتقان بين الجماهير. الأزمات المالية تجعل الأندية تعتمد بشكل أكبر على مواردها الذاتية، والتي غالباً ما تكون غير كافية لتلبية احتياجات الفرق ودعم الأنشطة الرياضية بشكل مناسب الا فريق وحيد تقريبا في تونس يتمتع بامتيازات مالية من رئيسه الميسور والذي لا يتفانى في دعمه.
الوضع الاجتماعي وغول المخدرات
تدهور الوضع الاجتماعي في البلاد يزيد من تعقيد الأمور، حيث يعاني الكثير من الشباب من البطالة والتهميش الاجتماعي. هذه العوامل تجعلهم أكثر عرضة للانخراط في سلوكيات خطرة مثل تعاطي المخدرات والعنف. انتشار المخدرات وحبوب الإكستازي والكبتاغون بين الشباب في الملاعب والمؤسسات التربوية أصبح يشكل تهديداً كبيراً للاستقرار الاجتماعي والأمني في البلاد. لم يعد تأثير المخدرات مقتصراً على الأفراد ذوي السوابق العدلية، بل أصبح يشمل شريحة واسعة من الشباب، مما يفاقم من مشكلة العنف والتخريب.
الطريق إلى الأمام
لمواجهة هذه التحديات، يجب على الجهات المعنية العمل على عدة محاور. أولاً، ينبغي تعزيز الرقابة على الخطاب الإعلامي للحد من خطاب الكراهية والتحريض. ثانياً، يجب توفير الدعم المالي والاقتصادي للجمعيات الرياضية لضمان تقديم أداء جيد وتعزيز المنافسة الشريفة. وأخيراً، يجب تكثيف الجهود لمكافحة انتشار المخدرات بين الشباب من خلال برامج توعية ودعم نفسي واجتماعي. فقط من خلال هذه الإجراءات المتكاملة يمكننا الأمل في تحسين الوضع الرياضي والاجتماعي في تونس.