بين شغب الجماهير وصرامة القرارات.. هل تنجح الدولة في إعادة الانضباط إلى الملاعب؟
لم يكن ما حدث يوم الأحد 16 فيفري 2025 في الملعب الأولمبي حمادي العقربي برادس خلال مباراة السوبر التونسي بين الترجي الرياضي التونسي والملعب التونسي، ولا في قاعة محمد الفطناسي ببنزرت أثناء مباراة أصاغر إسمنت بنزرت والنادي الإفريقي في كرة السلة، مجرد مناوشات عابرة بين الجماهير، بل هو حلقة جديدة من سلسلة أحداث العنف المتكررة التي تعصف بالرياضة التونسية، ما دفع وزارة الشباب والرياضة إلى عقد جلسة طارئة واتخاذ إجراءات صارمة لمحاولة إنقاذ الموسم الرياضي.
مقالات ذات صلة:
فضيحة عنصرية تهز الملاعب الإنجليزية.. الجامعة التونسية تتحرك لنصرة حنبعل المجبري
لطفي القلمامي: القائد الذي يعيد رسم معايير تأمين الملاعب الرياضية في إفريقيا
لطفي القلمامي يعزز دور تونس في الاتحاد الإفريقي لكرة القدم من خلال خبرته في تأمين الملاعب
🔴 عنف يتكرر.. والملاعب ساحة حرب
منذ سنوات، تحوّلت بعض مباريات كرة القدم وكرة السلة وغيرها من الرياضات إلى ساحات مواجهات بين الجماهير وقوات الأمن وحتى بين الأنصار أنفسهم، حيث تُرفع الشعارات التحريضية، وتُلقى المقذوفات، وتُقتحم أرضيات الملاعب، لتتحوّل التظاهرات الرياضية من فضاءات للمتعة والتشجيع الحضاري إلى مشاهد دامية تعكس توتّراً اجتماعياً عميقاً.
خبراء علم الاجتماع يعتبرون أن هذه الظاهرة ليست مجرد شغب رياضي، بل انعكاس لأوضاع اقتصادية واجتماعية متأزمة، حيث يجد العديد من الشباب في الملاعب متنفساً للتعبير عن غضبهم وإحباطهم. في المقابل، يرى بعض المختصين في الرياضة أن تراجع أداء الأندية وانتشار الفساد في القطاع الرياضي، زاد من احتقان الجماهير، التي فقدت الثقة في المنظومة الرياضية.
⚖️ قرارات صارمة.. ولكن هل تكفي؟
في أعقاب هذه الأحداث، أعلن وزير الشباب والرياضة الصادق المورالي عن حزمة من الإجراءات التي تهدف إلى الحد من العنف وضمان سير المباريات في ظروف آمنة، وأبرزها:
✅ منع المشاغبين من دخول الملاعب بالتنسيق مع وزارة العدل، حيث سيتم إقرار عقوبات إضافية ضد كل من تورّط في أحداث الشغب.
✅ عقوبات تأديبية على الأندية، إذ سيتم إجبار الفرق التي يتسبّب أنصارها في الفوضى على اللعب دون جمهور (ويكلو).
✅ تنظيم الإعلام الرياضي، حيث دعت الوزارة وسائل الإعلام إلى تفادي التصريحات النارية التي قد تؤجج الجماهير، والترويج لثقافة الروح الرياضية.
✅ تحميل المسؤولية للمسيرين واللاعبين، ودعوتهم إلى تفادي التصريحات التي قد تزيد من الاحتقان بين الأندية والجماهير.
🚨 هل هذه الإجراءات كافية؟
رغم أهمية هذه القرارات، إلا أن المشهد الرياضي في تونس يطرح تحديات أكبر، إذ أن غياب استراتيجية واضحة لمعالجة الأسباب العميقة للعنف يجعل هذه الحلول مؤقتة. فإلى متى سيظل الحل الأمني هو الملاذ الوحيد؟ وأين دور الأندية والمسؤولين في احتواء هذه الظاهرة؟
في النهاية، يبقى السؤال الأهم: هل ستُطبق هذه الإجراءات فعلياً، أم أنها ستظل حبراً على ورق كما كان الحال مع قرارات سابقة؟ الأيام المقبلة ستكشف مدى جدية السلطات في مواجهة هذه الأزمة التي باتت تهدد مستقبل الرياضة التونسية.