من المهم جدا أن تهتم الأحزاب السياسية في تونس بالشأن الثقافي وهذا ما نباركه إلا أنه للأسف فان بعض رجال السياسة يستغلون الشأن الثقافي بصفة ظرفية في حملاتهم الدعائية ويكون اهتمامهم بهذا الشأن شكليا وبروتوكوليا وهذا ما حدث خلال عرض "الحضرة2" للفاضل الجزيري في اطار فعاليات الدورة 35 لمهرجان المدينة بالعاصمة والذي احتضنه المسرح وذلك بحضور جمهور غفير من المهتمين بهذه النوعية من العروض الفنية الخصوصية و ذات المنحى الصوفي وخاصة في شهر رمضان.
ولئن كان العرض ناجحا فنّيّا وجماهيريا إلا أنّ هذا النجاح لم يسعد أغلبية الحاضرين، خصوصا وقد عاشوا مهزلة تذكّرنا بأسوإ مرحلة في العهد البائد، إذ تمّ ليلتها استقبال رئيس حركة مشروع تونس محسن مرزوق استقبالا ملكيّا وهو الذي بلا صفة تذكر في الحكومة بل واستحوذ على المكان الذي يخصّص عادة لوزير الشؤون الثقافية ليجلس فيه بعد ان كان في استقباله كل من مدير المسرح البلدي ومدير مهرجان المدينة و الذين مهّدوا لمرزوق تحويل المسرح البلدي إلى مسرح للسياسة في مخالفة للقوانين وللمناشير الوزارية وخدمة للمصالح الذاتية الضيقة.
فإذا كانت نية محسن مرزوق واضحة وهي الترويج لصورته والانطلاق في حملة انتخابية سابقة لأوانها مع اعتماد جس نبض المواطنين فإنّ نوايا مدير المسرح البلدي ومدير مهرجان المدينة غير مبرّرة في الوقت الراهن على الأقل لأنه من غير المعقول أن يبني المرء أحلاما على شخص ليست له أي صفة رسمية في الحكومة.
ثمّ إنّنا نستغرب من هذه التصرفات الصادرة عن مسؤولين يبدو أنهم أصغر بكثير من المسؤوليات المناطة بعهدتهم ونذكرهم ان المسرح البلدي بالعاصمة سيظلّ ملكا من أملاك بلدية تونس أي أنه ملك من أملاك الدولة والشعب التونسي وليس ملكا لمديره أو لمدير مهرجان المدينة وليس ملكا لمحسن مرزوق أو حزبه، فأين السلط المعنية من كل هذا؟
ولماذا لا تتمّ محاسبة كل من ساهم من قريب أو من بعيد في هذه المهزلة التي تسيء لهيبة الدولة وللثقافة ولتاريخ المسرح البلدي بالعاصمة؟