اختر لغتك

التكنولوجيا الأميركية في قبضة المعادن الصينية النادرة

بكين تستعرض ترسانة الهجوم المضاد وتقلب معادلات التصعيد التجاري بعد تلويحها بخنق شريان المعادن النادرة والتي لا يمكن للشركات الأميركية الاستغناء عنها خلال وقت قصير.
 
فجأة انقلبت معادلات التصعيد التجاري بين واشنطن وبكين بعد تلويح الصين بخنق شريان المعادن النادرة عن أعلى حلقات التكنولوجيا والتصنيع العسكري الأميركية، والتي تحتاج لسنوات طويلة لتعويض الاعتماد الشديد على الإمدادات الصينية في وقت يتصاعد فيه الحديث عن إمكانية استهداف شركتي أبل وفيديكس.
 
لندن - بدأت الصين تستعرض ترسانة أسلحتها المضادة للنيران الجارية التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لتؤكد أنها لن ترضخ لشروطه في مفاوضات البحث عن اتفاق تجاري بين أكبر اقتصادين في العالم.
 
وكشفت وكالة بلومبيرغ أن بكين ستفتح تحقيقا مع شركة فيديكس الأميركية للخدمات اللوجستية بسبب تحويلها لطرود خاصة بشركة هواوي إلى الولايات المتحدة، والذي اعترفت به فيديكس وقالت إنه جرى بطريق الخطأ.
 
كما يتصاعد الحديث عن إمكانية استهداف شركة أبل، الشديدة الاعتماد على الصين حيث تجري جميع عمليات تجميع أجهزتها هناك، إضافة إلى تأثرها بحرب الرسوم التجارية.
 
لكن السلاح الأكثر خطورة، في قبضة بكين والذي يمكن أن يقوض الصناعات التكنولوجية الأميركية المتقدمة هو هيمنة بكين على تصنيع المعادن النادرة، والتي لا يمكن للشركات الأميركية الاستغناء عنها خلال وقت قصير.
 
وتؤكد البيانات أن الشركات الأميركية تحتاج لسنوات لتطوير منشآت معالجتها محليا، حيث تتمتع الصين حاليا باحتكار كبير في هذا المجال وهو سلاح قاتل في محادثات التجارة خاصة أنه يتعلق بأعلى حلقات التكنولوجيا المتقدمة.
 
ويرى محللون أن هذا المحور قد يقلب معادلات التصعيد التجاري لصالح بكين بعد إشارات كثيرة على أنها تستعد لخنق تلك الصادرات الحيوية للاقتصاد الأميركي.
 
ورغم أن بيانات هيئة المسح الجيولوجي الأميركية تؤكد أن الصين تملك ثلث الاحتياطات العالمية فقط من المعادن النادرة، إلا أنها تحتكر 80 بالمئة من واردات الولايات المتحدة من تلك المعادن، وهي مجموعة من 17 عنصرا تستخدم في صناعات التكنولوجيا الفائقة والعتاد العسكري.
 
يرجع ذلك بدرجة كبيرة إلى هيمنة الصين على قطاع معالجة تلك المعادن، والذي لا يزال في مرحلة مبكرة في الولايات المتحدة ويحتاج إلى سنوات لتطويره في ظل افتقاره لموقف داعم موحد من الكونغرس وإدارة ترامب.
 
وهناك ثلاث شركات على الأقل مقرها الولايات المتحدة لديها مصانع معالجة معادن نادرة تحت الإنشاء أو قيد التخطيط. ومن المقرر أن تبدأ إحداها العمل العام المقبل ولن يبدأ العمل في الشركتين المتبقيتين قبل عام 2022 على أفضل تقدير.
 
واستثنت الولايات المتحدة واردات المعادن النادرة الصينية من زيادات للرسوم الجمركية فرضتها على بكين في الآونة الأخيرة وشملت الحديد والألمنيوم في دليل على حاجتها الماسة للإمدادات الصينية من تلك المعادن.
 
ونقلت بلومبيرغ عن مصادر مطلعة تأكيدها أن الحكومة الصينية أعدت الخطوات التي سوف تتخذها لاستغلال موارد المعادن النادرة التي تمتلكها للإضرار بالاقتصاد الأميركي. وأكدت إمكانية تنفيذها فورا بمجرد اتخاذ قرار سياسي، الأمر الذي يقوض محور قوة الاقتصاد الأميركي.
 
وقال راكيت هو، الباحث في سوق معادن شنغهاي لتلفزيون بلومبيرغ إن قرار كهذا لا يزال مجرد احتمال لكنه إذا حدث فسوف يؤدي لارتفاع حاد في أسعارها، مشيرا إلى ما حدث في عام 2010، عندما حظرت الصين تصديرها إلى اليابان.
 
وصدرت الأسبوع الماضي تحذيرات شديدة اللهجة في صحف حكومية صينية تؤكد أن بكين مستعدة لاستخدام المعادن النادرة كسلاح للرد في حربها التجارية مع واشنطن، الأمر الذي ينقل المواجهة بينها إلى مستويات خطيرة.
 
وأرسلت زيارة الرئيس الصيني شي جينبينغ لمصنع للمعادن النادرة رسالة تؤكد أن بكين تستعد لاستخدام مركزها المهيمن على تصنيع تلك المعادن النادرة كورقة ضغط في الحرب التجارية.
 
وأدى احتمال ارتفاع قيمتها نتيجة حظر كهذا إلى ارتفاعات حادة في أسعار أسهم منتجيها وبضمنهم الشركة التي زارها الرئيس الصيني.
 
وأشارت صحيفة الشعب اليومية الرسمية في تعليق تحت عنوان “الولايات المتحدة: لا تستهيني بقدرة الصين على الرد” إلى اعتماد الولايات المتحدة “الحرج” على المعادن النادرة الصينية.
 
وقالت “هل ستصبح المعادن الأرضية النادرة سلاحا مضادا ترد به الصين على الضغط الذي تفرضه الولايات المتحدة دون سبب على الإطلاق؟ الإجابة ليست صعبة”.
 
وأضافت الصحيفة الناطقة باسم الحزب الشيوعي الحاكم “دون شك، يريد الجانب الأميركي استخدام المنتجات المصنعة من المعادن النادرة التي تصدرها الصين في كبح التنمية الصينية. والشعب الصيني لن يقبل هذا أبدا”.
 
ووجهت نصيحة بلهجة شديدة إلى “الجانب الأميركي بألا يستهين بقدرة الجانب الصيني على حماية مصالحه وحقوقه في التنمية. لا تقولوا إننا لم نحذركم”.
 
وأكدت مقالة افتتاحية في صحيفة غلوبال تايمز الصينية أن فرض حظر على تصدير المعادن النادرة “سلاح قوي إذا اُستخدم في الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة”.
 
ولا يستبعد محللون إمكانية حدوث ذلك، بسبب استخدام الصين في الماضي لمبيعات المعادن النادرة في ممارسة الضغط في نزاعات سابقة.
 
كما صدرت عن بكين إشارات أخرى بينها وضع “لائحة سوداء” لشركات أجنبية وزيادة الرسوم الجمركية وصولا إلى لهجة تقترب من الخطاب الحربي وتحميل واشنطن مسؤولية فشل المفاوضات.
 
وقال نائب وزير الإعلام الصيني غوو ويمين إن “الحرب التجارية لن تعيد إلى أميركا عظمتها” في وقت انحسر فيه حديث الصين عن أي مخرج من الأزمة في وقت قريب. وأشار وهو يعرض وثيقة تقع في 21 صفحة وتلخص المواقف الصينية، إلى ارتفاع الأسعار وتكاليف الإنتاج في الولايات المتحدة وانكماش صادراتها إلى الصين منذ اندلاع المواجهات التجارية التي بدأتها واشنطن ضد بكين.
 
وتزامن ذلك مع بدء تطبيق زيادة في الرسوم الجمركية على ما قيمته 60 مليار دولار من المنتجات الأميركية المستوردة سنويا إلى الصين، ردا على العقوبات الأميركية التي فرضت على 200 مليار من السلع الصينية مطلع مايو الماضي.
 
 
سلام سرحان
كاتب وشاعر من العراق مقيم في لندن
 

آخر الأخبار

قمر بن عثمان لاعبة كرة اليد بالجمعية النسائية بالحمامات ..تألق وتميز عن جدارة

قمر بن عثمان لاعبة كرة اليد بالجمعية النسائية بالحمامات ..تألق وتميز عن جدارة

التاكسي في تونس هو مرآة للفوضى الاجتماعية وأزمة في القيم

التاكسي في تونس هو مرآة للفوضى الاجتماعية وأزمة في القيم

في تونس نحن لا نبحث عن إرادة سياسية، بل في حاجة إلى إرادة وطنية بقيادة رئيس الجمهورية الأستاذ قيس سعيد

في تونس نحن لا نبحث عن إرادة سياسية، بل في حاجة إلى إرادة وطنية بقيادة رئيس الجمهورية الأستاذ قيس سعيد

مالك سعادة يلتحق بالمنتخب الوطني لأقل من 20 سنة استعداداً للتصفيات الإفريقية

مالك سعادة يلتحق بالمنتخب الوطني لأقل من 20 سنة استعداداً للتصفيات الإفريقية

رحيل صادم: البطل التونسي رامز بوعلاقي يغادر المنتخب الوطني في إسبانيا

رحيل صادم: البطل التونسي رامز بوعلاقي يغادر المنتخب الوطني في إسبانيا

Please publish modules in offcanvas position.