نشرت صحيفة "فاينانشال تايمز" في إحدى أعدادها خلال سبتمبر عام 1970 مقالًا استثنائيًا يتناول ظاهرة الاضطرابات المزعجة التي يعاني منها المسافرون بعد رحلات العمل الطويلة. يسلط المقال الضوء على مفهوم "اضطراب الرحلات الجوية الطويلة"، الذي تم دراسته عبر تجربة أجريت على 14 متطوعاً قاموا برحلات جوية بين لندن وسان فرانسيسكو وعادوا مرة أخرى، كشفت عن نتائج تعكس تأثيرات سلبية بالغة.
وقد وصل العلماء إلى استنتاجات مثيرة للقلق، إذ أظهروا أن أداء المسافرين في الجو كان "مضطربًا للغاية" لمدة خمسة أيام بعد رحلة الطيران. وتبيّن أن هؤلاء المسافرين يحتاجون إلى وقت أطول بنسبة 20٪ لاتخاذ قرارات، مما يثير مخاوف من ظهور أعراض الضعف أثناء التفاوض وفي الوقت الحاسم. والأمر الأكثر قلقًا هو عدم وجود أفق للعلاج المثلى لهذه المشكلة.
تتبنى الحلول الواعدة نهجًا يعتمد بشكل كبير على الضوء، والذي يعتبر منظمًا أساسيًا للإيقاع الحيوي اليومي الذي يؤثر على وعينا ونشاطنا. تشير الدراسات إلى أن إعادة ضبط الساعة البيولوجية تحدث بشكل أسرع عند تعرض الجسم للضوء في الأوقات الملائمة، سواء قبل أو أثناء الرحلات الجوية، أو حتى بعد العودة. وقد أسفرت هذه النتائج عن تطوير تطبيقات ذكية تساعد المسافرين في تحديد أفضل الأوقات للتعرض للضوء أو الظلمة.
مع ذلك، يتجاوز التحديات العملية فعالية هذه الحلول النظرية، حيث أظهرت دراسة أجريت عام 2020 أن القليل من المسافرين يستخدمون تطبيقات للتعامل مع اضطرابات الرحلات الجوية الطويلة. حتى المسافرين الدوليين، بما في ذلك رجال وسيدات الأعمال، يتجهون إلى مصادر مختلفة مثل الإنترنت وزملاء العمل وأفراد أسرهم للحصول على الدعم، متجاهلين بعض التطبيقات الإلكترونية.
تعكس هذه التحديات مدى صعوبة تطبيق مفاهيم الساعة البيولوجية في الواقع العملي، وفقًا لتصريحات الدكتورة يو سون بين من جامعة سيدني. إن تحسين توجيهات شركات الطيران وأرباب العمل حول اضطرابات الرحلات الجوية الطويلة يعد أمرًا ضروريًا لتوفير الدعم اللازم للمسافرين المتأثرين.
باختصار، بينما تزداد فهمنا لأسباب وعلاجات اضطرابات الرحلات الجوية الطويلة، يبقى التحدي في تطبيق هذا العلم على نطاق واسع وفعال، مما يتطلب تضافر الجهود من العديد من الجهات لتوفير الدعم والتوجيهات الملائمة للمسافرين المتضررين.