اختر لغتك

المركزي التونسي يحذر من انعكاسات انسداد آفاق التمويل على الاقتصاد

المركزي التونسي يحذر من انعكاسات انسداد آفاق التمويل على الاقتصاد

تداعيات سلبية لاستمرار الاختلال المالي على التوازنات الخارجية وسوق الصرف.
 
اتسع قلق السلطات النقدية في تونس من دخول البلد في نفق اقتصادي أكثر قتامة بسبب ما تعكسه الظروف الراهنة من انسداد لآفاق الحصول على تمويلات جديدة من المانحين الدوليين، وعدم القدرة على سدّ العجز في موازنة هذا العام بسبب شح الموارد، مما سينعكس بالضرورة على مجمل مؤشرات النمو.
 
تونس - تنسجم المؤشرات الأخيرة، التي أعلن عنها البنك المركزي التونسي مع تحليلات الخبراء بأن الاقتصاد المتعثر يسير في طريق وعرة للخروج من الأزمة في ظل الصعوبات التمويلية الهائلة، وأن ذلك الوضع قد يفاقم من التصنيف السيادي للبلاد.
 
وحذر المركزي عقب اجتماع مجلس إدارته مساء الأربعاء الماضي من تداعيات الوضع المالي المتدهور والشح الحاد في الموارد لتمويل موازنة 2021، في ظل تخوف المقرضين الدوليين وتعثر المفاوضات مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 4 مليارات دولار.
 
وتعيش تونس أزمة مزدوجة، فبالإضافة إلى تعثر النمو الاقتصادي غير المسبوق وآثار الجائحة، تتخبط البلاد في أزمة سياسية ودستورية مع إعلان الرئيس قيس سعيد التدابير الاستثنائية في البلاد منذ أكثر من ثلاثة أشهر وعدم تشكيل حكومة جديدة حتى اليوم، رغم أنه كلف نجلاء بودن وهي شخصية غير معروفة الأسبوع الماضي بتشكيلها.
 
وقال البنك في بيان نشره على منصته الإلكترونية إنه لا بد من “تفعيل التعاون المالي الثنائي أثناء الفترة المتبقية من هذا العام لتعبئة ما أمكن من الموارد الخارجية لتفادي التمويل النقدي وتداعياته المحتملة على مستوى التضخم وسعر صرف الدينار وعلاقات تونس بالمؤسسات المالية المانحة ووكالات التصنيف الائتماني”.
 
ولكن ذلك ليس كل شيء، فبطء نشاط القطاعات الإنتاجية وكذلك انحسار تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة بسبب الوضع السياسي الضبابي، سيكون له تأثير على الاحتياطات النقدية.
 
وتراجعت الاحتياطات من العملة الصعبة بواقع 9.5 في المئة في الأشهر التسعة الأولى من هذا العام لتصل إلى 20.96 مليار دينار (نحو 7.4 مليار دولار) بعدما كانت عند أكثر من 8.1 مليار دولار بنهاية العام الماضي.
 
وبالنظر إلى الوضعية الحرجة للاقتصاد التونسي والعجز المالي في الموازنة الذي تستهدف تونس أن يبلغ 6 في المئة، رأى مجلس إدارة البنك إبقاء سعر الفائدة عند مستواه الحالي والبالغ 6.25 في المئة وذلك للشهر الثالث عشر على التوالي.
 
وخفض المركزي سعر الفائدة في أكتوبر العام الماضي بمقدار 50 نقطة أساس بهدف تحفيز الاستثمار ودفع النمو الاقتصادي. وجاء ذلك عقب خفض قدره مئة نقطة أساس في مارس من نفس العام بسبب امتصاص تداعيات الأزمة الصحية.
 
وشدد البنك “على أن تدهور المالية العمومية التي تعاني وضعية هشة علاوة على تداعيات ارتفاع الأسعار العالمية للنفط، من شأنه المساس باستدامة الدين العمومي إلى جانب التأثيرات السلبية لارتفاع مديونية القطاع العمومي تجاه القطاع البنكي خاصة على قدرته على تمويل المؤسسات الاقتصادية”.
 
ويقول محللون إن الحكومة الجديدة، التي من المتوقع الإعلان عنها نهاية هذا الأسبوع قد تلجأ للطلب من البنك المركزي شراء سندات الخزانة لتغطية العجز الحاد.
 
وتمسك محافظ المركزي مروان العباسي بعدم تمويل عجز موازنة 2021 في ظل إصراره على موقفه منذ العام الماضي، خشية المخاطر التي قد يسببها ذلك الأمر على الاحتياطات النقدية بالنظر إلى الصورة الضبابية للاقتصاد وسوء إدارة السلطات للأزمة.
 
وكانت وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية قد خفضت في يوليو الماضي التصنيف السيادي لتونس إلى بي سالب مع آفاق سلبية لتلتحق بوكالة موديز التي خفضت تصنيف إصدار العملتين الأجنبية والمحلية لتونس من بي 2 إلى بي 3 مع الإبقاء على الآفاق سلبية.
 
وبحسب معايير وكالة التصنيفات الائتمانية يحيل هذا الخفض على أن البلد قد يصبح مصنفا في موقع عالي المخاطر بمعنى عدم القدرة على الإيفاء بالالتزامات المالية.
 
ومنذ العام 2011، خفضت الوكالات الدولية الرئيسية تصنيف تونس بسبع درجات بسبب عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي وآثاره الاقتصادية سواء على حجم الدين العام والنمو والسياسة النقدية وأيضا القطاع المصرفي.
 
ويعتقد المركزي أن استمرار الوضع المالي القائم ستكون له تداعيات سلبية على التوازنات الخارجية وسوق الصرف. ويتوقع أن يبلغ الدين العام مع نهاية العام الجاري حوالي 109.2 مليار دينار (39.2 مليار دولار) منها 26.5 مليار دولار دينا خارجيا.
 
ومع ذلك، تظهر الإحصائيات أن العجز في الحساب الجاري سجل انكماشا، خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي ليصبح في حدود 3.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 4.8 في المئة قبل عام.
 
وعزا المركزي هذا الانكماش إلى تواصل ارتفاع مداخيل الشغل بواقع 42.8 في المئة، والتحسن النسبي لمداخيل القطاع السياحي بنحو 5.2 في المئة مقابل اتساع العجز التجاري بنحو 13.7 في المئة وذلك بالنظر إلى ارتفاع حجم الواردات.
 
وبحسب بيانات البنك شهد الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الثاني من عام 2021، ارتفاعا بمقدار 16.2 في المئة على أساس سنوي وتراجعا باثنين في المئة مقارنة مع الربع الأول من هذا العام.
 
وتبرز هذه النتائج تعافيا نسبيا لبعض القطاعات خاصة الصناعات المعملية المصدّرة وذلك في علاقة مع تواصل تحسن الطلب من منطقة اليورو، بالإضافة إلى التحسن الملحوظ لإنتاج المحروقات نتيجة مساهمة حقلي نوارة وحقل المنزل في الإنتاج والعودة التدريجية لقطاع الفوسفات.
 
ولكن المركزي أكد في المقابل، أنه لا تزال بعض القطاعات الإنتاجية تشكو من تواصل تأثير الأزمة الصحية لاسيما قطاع الخدمات.
 
وثمة مخاوف من أن ضبابية الوضع المالي ستدفع مؤشر أسعار الاستهلاك إلى الارتفاع مجددا بعدما تراجع في العام الماضي بشكل واضح.
 
وتظهر أرقام المركزي أن معدل التضخم بلغ في حدود 6.2 في المئة في سبتمبر الماضي وذلك للشهر الثاني على التوالي مقارنة مع 5.4 في المئة على أساس سنوي.
 
وحث المركزي على التعجيل في إعطاء إشارات واضحة للمستثمرين المحليين والأجانب، بخصوص استرجاع نسق النشاط الاقتصادي والتوازنات الكلية والمالية، وتعزيز حوكمة القطاع العام وتحسين مناخ الأعمال والرفع من المجهود الاستثماري.
 

آخر الأخبار

أيام تحسيسية مشتركة لدعم انتقال المجامع التنموية النسائية إلى شركات أهلية

أيام تحسيسية مشتركة لدعم انتقال المجامع التنموية النسائية إلى شركات أهلية

حين يلتقي النقيضان: أطول امرأة في العالم وأقصرهن يتقاسمان لحظة لا تُنسى!

حين يلتقي النقيضان: أطول امرأة في العالم وأقصرهن يتقاسمان لحظة لا تُنسى!

السينما التونسية تتألق في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي 2024

السينما التونسية تتألق في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي 2024

المنتدى السادس والعشرين لحقائق: السياحة في  المتوسط محور جدل أهل المهنة في الحمامات 

المنتدى السادس والعشرين لحقائق: السياحة في  المتوسط محور جدل أهل المهنة في الحمامات 

نابولي: الأطفال بين السلاح والعنف.. أزمة تهدد جيلًا كاملًا

نابولي: الأطفال بين السلاح والعنف.. أزمة تهدد جيلًا كاملًا

Please publish modules in offcanvas position.