عانت قرية في كازاخستان من مرض العميق يدعى النوم العميق فبينما تتحدث مع شخص وينصت لك بكل اهتمام يبدأ وجهه في الشحوب قليلا ثم يشعر بالدوار ثم يسقط مغشيا عليه.. هكذا قد تظن للوهلة الأولى إن كنت في أي مكان على سطح الأرض لكن إن كنت مختلفا فأنت تعيش في قرية كالاتشي الكازاخستانية أو قرية النوم العميق الذي يصاب أهلها بنوم مفاجئ وعميق قد يصل لأيام دون معرفة السبب.
نوبات النوم هذه أصابت 10% من سكان القرية، وسط فشل ذريع حينذاك من علماء العالم في تفسير الظاهرة، منهم مجموعة من الطلاب الذين دخلوا في ثبات عميق أشبه بالموت ليوم كامل أثناء ساعات الدراسة، وحين أفاقوا ذكروا مجموعة من الهلاوس التي رأوها خلال نومهموفق بوابة أخبار اليوم.
أما الهلاوس وفقدان الذاكرة والغثيان واستمرار النوبة لأسابيع متواصلة فتعتبر أحد أعراض المرض الذي تذكر الوثائق الرسمية بكازاخستان أن أولى الإصابات به سجلت في 2010، بينما بلغت الذروة في 2013، واستمر دون تفسير واضح وفي تزايد الأمر الذي أجبر الدولة على اتخاذ قرار بإخلاء القرية في مارس 2015.
وعدّد العلماء نظريات مختلفة لتفسير المرض الغامض كان أبرزها التراكم المفرط للسوائل بأدمغة أهالي القرية أو إصابتهم بالفيروسات والالتهابات البكتيرية مثل التهاب السحايا.
لكن في إطار البحث عن نظريات جديدة لفك شفرة النوم المفاجئ والطويل وعودة القرية للاستيقاظ مرة أخرى بشكل طبيعي استبعد مؤخرًا فريق من علماء جامعة نزاربايف برئاسة البروفيسور بايرونوم كرايب، مع ترجيحهم احتمالية تسمم ينبوع المياه الرئيسي للقرية بالمواد الكيميائية، بينما لا تشرب منه الحيوانات.
علماء نزاربايف يعتقدون أن المواد تسربت من منجم اليورانيوم الموجود منذ أيام الاتحاد السوفيتي، وغير مستعمل منذ قرابة الأربعين عام، أو عن طريق مواد خام للأسلحة الكيميائية التي حفرها العسكريون في الأرض.
وقرر العلماء تصميم (درون) خاص وإنزاله المنجم لأخذ عينات التربة والماء نظرًا لخطورة النزول أحد الأفراد إلى المنجم.
ولم تكن تلك المرة الأولى التي يتصدر فيها منجم اليورانيوم نظريات علمية؛ إذ اعتقدت السلطات المحلية في وقت سابق، أن نفايات سامة من المنجم دفنت في التربة المحيطة به، ما استدعى وزارة الصحة لفحص أكثر من 7 آلاف من المنازل المجاورة لهذه المناجم، لكنهم لم يجدوا أي آثار تسمم.
ومن ضمن النظريات السابقة التي فسرت الحادث ما صرح به سركي لوكاشينكو مدير المركز النووي الوطني في معهد السلامة الإشعاعية وعلم البيئة، بارتفاع أول أكسيد الكربون والهيدروكربونات في هواء القرية بشكل يفوق 10 أضعاف من النسبة المسموح بأن تتواجد في الهواء، فضلا عن وجود النسبة الأعلى في هواء كالاتشي.