تعيش أحزاب تأسست بعد خلافات وانشقاقات عن حركة نداء تونس أزمة تمثلت في استقالات عديدة صلب قيادتها المؤسسة. ودفع هذا الأمر متابعي الشأن السياسي في تونس إلى القول إن القيادات السابقة بنداء تونس عجزت عن إيجاد بدائل للحركة التي تقود الحكم في تونس.
تونس - تواجه منشقين عن حركة نداء تونس، أسسوا أحزابا جديدة أرادوها بديلا عن حركتهم السابقة، مشكلات مختلفة جعلت المتابعين للشأن السياسي يتساءلون عما إذا كانت “لعنة نداء تونس” تلحق بالمستقيلين منه.
وقدم مهدي عبدالجواد، الخميس الماضي، استقالته من حركة مشروع تونس ومن مكتبها السياسي قائلا إن قراره جاء بعد تقييمه لتجربته في الحركة.
وقال، في بيان، إنه استخلص أن “حركة مشروع تونس لم تعد الفضاء المناسب لحماية المشروع الوطني الذي ادعت أنها بعثت لحماية مكتسباته واستئناف تطويرها، وأنها لم تعد تجربة سياسية تستحق الاهتمام”.
وقبل ذلك بيوم، قدم سمير عبدالله استقالته من المكتب السياسي لحركة مشروع تونس. وقال لـ”العرب”، “لأول مرة في حياتي أنخرط في حزب وقد خرجت من حركة مشروع تونس بطريقة حضارية”. وأفاد بأن “الأحزاب التونسية لم ترتق إلى درجة الديمقراطية التي تمكنها من الابتعاد عن التفرد بالقرارات”.
وحركة مشروع تونس ليست الوحيدة التي تواجه استقالات قياديين فيها، إذ تنضم إليها حركة تونس أولا التي تتكون أيضا من سياسيين بارزين كانوا لزمن قريب في نداء تونس.
وتشير متابعة بسيطة لتطورات الأحداث السياسية إلى وجود مشكلات داخلية تواجهها حركة تونس أولا تبرزها بالأساس مواقف صادرة باسم الحركة أو من أحد قياداتها، لكن رئيس الهيئة التأسيسية لحركة تونس أولا رضا بالحاج نفى ما نقلته وسائل إعلام محلية بشأن استقالات داخلها.
والخميس الماضي، أعلن القيادي في حركة تونس أولا بوجمعة الرميلي على فيسبوك “التخلي كليا عن أي نشاط سياسي في الحركة وفي أي حزب آخر”.
وقال “بعد تحطيم نداء تونس بالشكل الإجرامي الذي تم به وجدنا أنفسنا مضطرين إلى خلق إطار عمل خارج عنه وكان تأسيس حركة تونس أولا”. وأضاف “هناك طاقات وكفاءات داخل حركة تونس أولا وخارجها قادرة على مواصلة المسيرة بنجاح وهو ما يجعلني أعلن التخلي عن أي نشاط سياسي في تونس أولا ولا في أي حزب آخر”.
ونفى رضا بالحاج رئيس الهيئة التأسيسية لحركة تونس أولا استقالة أي من قياديي الحركة. وأوضح لـ”العرب” أن الرميلي لم يستقل من الحركة وأن “قراره بتجميد نشاطه داخل الحركة كان لأسباب شخصية حيث رغب فقط في الحصول على راحة من النشاط السياسي لفترة من الزمن”.
وفي 25 أكتوبر الماضي، قررت حركة تونس أولا تعليق خطة الناطق الرسمي باسمها “حتى إشعار آخر” والتي يشغلها عبدالعزيز القطي.
وبحسب بيان الهيئة التأسيسية للحزب “القرار يأتي عقب ملاحظات في الحزب حول إعلان صاحب الخطة مواقف وممارسات لا تتماهى مع الخط السياسي للحركة” .
وأوضح بالحاج أنه تم تعليق خطة الناطق الرسمي في إطار توحيد الخطاب وتوزيع مسؤوليات أعضاء الهيئة التأسيسية للحركة. وقال “الأمر عادي ولا توجد أي استقالات في حركة تونس أولا”. وتابع “الحزب يشهد حركية كبيرة”.
وانتقدت قيادات مستقيلة من حركة مشروع تونس التفرد بالرأي داخل الحركة، إذ كان هذا سبب استقالة عضو مجلس نواب الشعب عصام الماطوسي من الحركة ومن كتلتها البرلمانية الشهر الماضي.
وقبل الماطوسي، أعلن عضو المجلس المركزي لمشروع تونس سهيل حمام استقالته من الحركة بسبب “غياب الديمقراطية الداخلية والشفافية”.
وفي وقت سابق، شهدت الحركة استقالات أخرى من أبرزها استقالة جماعية لكامل أعضاء فرعها في محافظة القصرين.
ويرى مراقبون أن الأحزاب التي أسسها منشقون عن حركة نداء تونس تواجه صعوبات حقيقية في فرض نفسها رقما صعبا في المشهد السياسي التونسي، في ظل الاستقالات والتململ الذي يعصف بها.
وقال سمير عبدالله “البلاد تحتاج توحيد الأحزاب الموجودة بحسب عائلاتها السياسية”. وأكد أن “الوقت الآن ليس وقت تكوين أحزاب جديدة بل وقت لم شمل”. وأشار إلى أن الأحزاب التونسية تعيش أزمة ثقة وأزمة بدائل وأزمة مقترحات. واقترح تكوين جبهة وطنية كبرى “يمكن أن تكون في جهة اليسار أو في جهة اليمين”، المهم أن تعيد الأمل للتونسيين وأن تقدم لهم البديل الضروري.
لكن بالحاج يرفض فكرة أن حركة تونس أولا تعيش أزمة منذ تأسيسها بعد انشقاقهم عن نداء تونس. كما نفى ما يقال عن أن حركة تونس أولا لا يمكن أن تكون منافسا قويا لنداء تونس في الاستحقاقات الانتخابية القادمة، حيث قال “نداء تونس لم يعد حزبا قويا ولن يكون منافسا قويا في الانتخابات القادمة”، مؤكدا أن نداء تونس “ليس مشكلتنا”.