اعدت منظمة سوليدار تونس دراسة قيمة حول " تحفيز التفكير حول إصلاح المنظومة الانتخابية"اعدها نخبة من الباحثين بهدف الوقوف عند أبرز عناوين الاصلاحات السياسية الملحّة، بعد 25 جويلية واوكلت المنظمة للاساتذة والباحثين من اهل الاختصاص تعميق النظر في تلك المسائل ومنهم الاساتذة رضا بو كراع وسفيان جاء بالله ومولدي العياري واحلام ضيف.
وجاء في التقرير الختامي انه و إثرَ قرارات 25 جويلية 2021 تصدّرت الاصلاحات السياسية من جديدٍ الملفّات المُلحّة لكن ضمن مقاربةٍ جديدة لا تتقاطع بالضرورة مع المسار الذي مضى فيه برلمان 2019. حيث جاء في المرسوم الرئاسي عدد 117 لسنة 2021 الصادر في 22 سبتمبر 2021 في فصله 22 أنّ &رئيس الجمهورية يتولّى إعداد مشاريع التعديلات المتعلقة بالاصلاحات السياسية بالاستعانة بلجنة يتمّ تنظيمها بأمرٍ رئاسيّ&، وهو ما يُحيل غالبا على القانون الانتخابي والمرسوم المتعلّق بتنظيم الأحزاب السياسية.
دور محوي للاتحاد وللمجتمع المدني
في هذا الإطار من المهمّ وحسب منظمة سوليدار أن يلعب المجتمع المدني دوره- ومن اهم مكوناته الاتحاد العام التونسي للشغل -في تحفيز التفكير حول ملامح هذه الاصلاحات مع مراعاة المعطيات السياسية الجديدة وتحليل المؤشّرات المتّصلة بالناخبين بالنظر إلى الترابط الكبير بين القواعد التقنية التي تنظّم الانتخابات، لاسيّما نظام الاقتراع، والمحيط المؤسساتي والسياسي الخاصّ بكل بلد. وذلك هو المقصود بعقلنَة الحوار حول الاصلاحات السياسية.
ويرى الباحثون ان عقلنة الحوار تقتضي عدم القفز إلى صياغة نماذج جديدة بناءً على استنتاجاتٍ جاهزة وغير نهائية وإنّما التركيز على فهم الأسباب والظروف التي دفعتنا إلى اعتبار اصلاحات سياسية بعينها ضرورة مُلحّة. من ذلك أنّه لا يجب اعتبار الخيارات المقابلة لتلك المعتمدة في المنظومة الانتخابية الحالية، تعويض الاقتراع على القائمات بالاقتراع على الأفراد ، بالإضافة إلى انتخاب المسؤول الأول للحزب، وإقرار الصبغة الدورية لهذه الانتخابات واعادة النظر في اليات الرقابة التي تمارسها.
تصورات للمسالة الانتخابية
واستعرض الباحثون عدة تصورات للمسالة الانتخابية في ظل التحولات التي تشهدها البلاد وباعتماد اسلوب المقارنة بين البلدان والانظمة واستنادا الى القوانين المعمول بها الان واستباقا للخطوات المتظرة لاقرار الدستور الجديد والنظام الانتخابي القادم.
في سبيل توفير الضمانات الكافية لنزاهة ونجاح العملية الانتخابية،خلص الباحثون رضا بوكراع والمولدي العياري وسائر الفريق الى انه لابدّ من استخلاص الدروس من التجارب السابقة وعرض الإشكاليات المرصودة بكلّ موضوعية، ودون أحكام مسبقة. الأمر الذي يفترض توفير الأطر والفضاءات المناسبة والحيوية لنقاش المسائل القانونية والسياسية والمجتمعية التي تؤثّر على المنظومة الانتخابية وإيلاء مختلف المواقف الإهتمام والاصغاء اللازم.
استشراف التهديدات
ينبغي حسب الدراسة أن تتمّ الاصلاحات على ضوء تحليل عميق يستشرف التهديدات التي قد تطرحها خيارات جديدة من قبيل الانتخاب على الأفراد وذلك في ما يخصّ الإجراءات التمييزية الايجابية لصالح النساء والشباب وذوي الإعاقة، وأيضا فيما يخصّ تعميق الإشكاليات التي تخصّ الصراعات القبلية والمناطقية والمال السياسي الفاسد. وأن تتمّ مراعاة مآل هذا الخيار في النتائج التي قد لا تتيح تشكيل أغلبية ضامنة للاستقرار وتحمّل المسؤولية السياسية مستقبلا.
ومع أنّ الورقة التحليلية استعرضت أبرز محاور الاصلاح لضمان نزاهة ونجاعة العملية الانتخابية، وهي متعلقة أساسا بالنظام القانوني والمؤسساتي والقضائي، فإنّه لا بدّ من الـتأكيد على أنّ الاتّفاق حول مضمون الاصلاحات ، وإن كان جوهريا، فإنّه لا يكفي بالنظر إلى أنّ مسار وآليات صياغتها وتنزيلها ،لا يقلّ أهميّة من حيث تأثيره على العملية الانتخابية والمعايير المتّفق عليها عالميا لضمان سلامتها.
وتتلخّص التوصيات فيما يلي:
- مراعاة المقاربة المجتمعية والمواطنية عند صياغة ملامح الاصلاحات السياسية.
- وضع مراجعة المنظومة الحزبية على رأس أولويات الاصلاحات حالَ استئناف المؤسسات عملها وذلك في اتّجاه دعم الممارسة الديمقراطية والدامجة داخلها وأيضا تعزيز قواعد المساءلة والمسؤولية.
- تحسين تدخّل الإدارة الانتخابية وبقية الهياكل العمومية انطلاقا من التجارب المستخلصة والثغرات التي شابت عمليّة الرقابة والمساءلة خصوصا فيما يتعلّق بالحملة الانتخابية واستعمال وسائل الاتصال والتواصل.
- إصلاح المنظومة القضائية في اتّجاه ملاءمة الاجراءات والآجال المعتمدة مع خصوصية المجال الانتخابي في اتّجاه ضمان نجاعة التدخّل القضائي والحيلولة دون الافلات من العقاب أولا.
هذا و من المنتظر ان تساهم منظمة سوليدار في متابعة التطورات السياسية والانتخابية التي تشهدها بلادنا وتقدم الحلول للمعضلات الموجودة في كنف حوار هادئ دون تشنج.
