"في لحظة ما، انقطع صراخ الطفولة... وسقطت البراءة تحت ضربة غدر، لا يفهمها عقل، ولا تبررها أي حال."
بهذه الكلمات تختصر أمّ هارون لحظة تحوّلت فيها حياة عائلة بأكملها إلى مأساة سوداء لا تمحى.
مقالات ذات صلة:
والي القصرين يحيل ملفًا خطيرًا للنيابة العمومية: شبهات تدليس واختلاس أموال عمومية في بلدية الزهور
ملعب القصرين على موعد مع التجديد: 800 ألف دينار لإعادة التعشيب!
براءة بعد الاتهام: تفاصيل مثيرة عن قصة "اختطاف" القاصر في القصرين!
📍 المكان: معتمدية الزهور، القصرين
في أحد أحياء معتمدية الزهور، بتاريخ 11 مارس 2025، اختفى الطفل هارون ذيبي (4 سنوات) وسط دهشة وقلق عائلته التي لم تعتد على هذا الغياب، خاصة أنه لم يكن يتجاوز باب المنزل إلا تحت أنظار والدته.
وبعد ساعات من البحث المحموم، كانت الصدمة الكبرى: العثور على جثّة هارون، وعليها آثار اعتداء شديد على الرأس... ضربة قاتلة، أنهت حياته في لمح البصر.
⚖️ القاتل: محدود الذكاء... لكنه مسؤول
بعد سلسلة من التحقيقات والتحاليل، أعلنت النيابة العمومية بالقصرين عن توقيف المشتبه به الرئيسي في الجريمة، وهو شاب من الجهة. وقد أثبت تقريران طبيان صادران عن الجهات الطبية المختصة، أنه لم يكن تحت تأثير أي مواد مخدّرة، ولا يعاني من اضطرابات نفسية تنفي مسؤوليته، بل شُخّص على أنه "محدود الذكاء نسبيًا دون أن يصل إلى درجة التخلف الذهني".
وقد صرّح عماد العمري، المساعد الأول لوكيل الجمهورية والناطق الرسمي باسم محاكم القصرين، أن القاتل يُعتبر مسؤولًا جزائيًا وفق التشخيص الطبي، ما يفتح الباب أمام محاكمته بتهمة القتل العمد مع سابقية القصد، حسب الفصلين 201 و202 من المجلة الجزائية، وهي جريمة يعاقب عليها بالإعدام.
😔 غياب الاعتداء الجنسي... لكن الجريمة لم تكن رحيمة
التحاليل الطبية أكدت كذلك عدم وجود أي أثر لاعتداء جنسي على جسد الطفل، وهو ما خفّف من رعب الأهالي قليلًا، لكنه لم يمحُ وجع الجريمة الأصلية: كيف لإنسان أن ينهي حياة طفل بريء، بلا دافع واضح، وبكل هذا العنف؟
في شهادات متقاطعة جمعتها الجهة الأمنية من محيط الجاني، لم تظهر دوافع واضحة أو علاقة سابقة بالضحية. البعض تحدّث عن اختلال اجتماعي، فيما أشار آخرون إلى انعزاله وسلوكياته الغريبة، لكن ذلك لم يكن كافيًا لتبرير ما ارتكبه.
👩⚖️ العدالة... قيد الانتظار
المسار القضائي سيتواصل، حيث يُتوقّع أن يصدر الحكم خلال خمسة إلى ستة أشهر، وفق ما أكدته النيابة العمومية. ورغم بطء الإجراءات، فإن عائلة هارون، وأهالي القصرين عمومًا، ينتظرون إحقاق العدالة كاملة... لا فقط لمعاقبة الجاني، بل لإرسال رسالة ردع لكل من قد تسوّل له نفسه تكرار الفعل.
🧠 أسئلة مفتوحة أمام المجتمع التونسي
هذه الجريمة أعادت طرح أسئلة ثقيلة ومقلقة:
أين دور المجتمع والدولة في رصد الأشخاص المنعزلين نفسيًا واجتماعيًا؟
هل تكفي الفحوصات العقلية لتحديد درجة المسؤولية؟
ما مدى فعالية قانون حماية الطفولة في تونس؟
وهل نحتاج اليوم إلى استراتيجية وقائية شاملة قبل أن ننعي ضحية أخرى؟
🕯️ هارون... رمز الطفولة المهدورة
في النهاية، تحوّل الطفل هارون، بصورته البريئة وضحكته التي خمدت فجأة، إلى رمز لكل الأطفال المحرومين من الأمان.
قد ينسى البعض الجريمة بعد أسابيع، لكن قلوب الأمهات في القصرين لن تنسى... وصورة هارون ستبقى، شاهدًا على جريمة لن تموت بالزمن.