في مشهد يعكس تنامي منسوب العنف داخل المجتمع التونسي، شهدت منطقة بئر الحفي من ولاية سيدي بوزيد، مساء الإثنين، جريمة قتل مروّعة راح ضحيتها شاب يبلغ من العمر 38 سنة، إثر تعرّضه لعدّة طعنات بواسطة آلة حادة، على يد شاب آخر لا يتجاوز عمره 25 سنة، وذلك على خلفية خلاف بسيط تطور في لحظات إلى مأساة دامية.
مقالات ذات صلة:
⚠️ جريمة في قلب العاصمة: مأوى "تونس سيتي" يتحول إلى ساحة عنف دموي
طعنٌ ومطاردة ورصاص: مقتل رجلين في جريمة دامية تهزّ مترو برلين
وأكد الناطق الرسمي باسم المحكمة الابتدائية بسيدي بوزيد، القاضي جوهر الڨابسي، في تصريح إذاعي، أن النيابة العمومية أذنت بفتح بحث تحقيقي من أجل القتل العمد مع سابقية القصد، مشيرًا إلى أن الجاني اعترف بفعلته، فيما لا تزال الأبحاث جارية لتحديد دوافع الجريمة وكافة ملابساتها.
وقد خلفت هذه الجريمة صدمة كبرى لدى سكان الجهة، خصوصًا أنها تنضاف إلى سلسلة من الحوادث المماثلة التي شهدتها ولايات داخلية أخرى في الأشهر الأخيرة، ممّا يطرح تساؤلات جدية حول الأسباب العميقة لتصاعد وتيرة العنف.
أرقام مقلقة وظواهر مقلقة أكثر
تشير تقارير سابقة للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية إلى أن العنف المجتمعي في تونس بات ظاهرة متصاعدة، خصوصًا في صفوف الشباب، حيث تعكس الجرائم الفردية تدهورًا في منظومة القيم وتراجعًا في دور المؤسسات التربوية والاجتماعية، إلى جانب هشاشة الأوضاع الاقتصادية وانتشار البطالة، لا سيما في المناطق الداخلية.
ويرى مختصون أن مثل هذه الحوادث ليست مجرّد "خلافات شخصية" بل هي نتاج أزمة عميقة تعيشها فئات واسعة من الشباب التونسي، الذي يشعر بالتهميش وانسداد الأفق، ما يجعله أكثر قابلية للانزلاق نحو العنف كرد فعل على الإحباط المزمن وغياب البدائل.
دعوات إلى وقفة جديّة
تطالب فعاليات المجتمع المدني في سيدي بوزيد وسائر المناطق المهمّشة بضرورة التدخّل العاجل من الدولة لمعالجة جذور الظاهرة، عبر تدعيم البنية التحتية الاجتماعية، وتمكين الشباب من فرص حقيقية في التعليم، التشغيل والمشاركة، فضلًا عن دعم الصحة النفسية ومراكز الإصغاء والتوجيه.
وفي انتظار ما ستكشفه التحقيقات القضائية من تفاصيل إضافية حول الجريمة، يبقى السؤال مفتوحًا: كم من جريمة مماثلة يجب أن تحدث حتى تُقرع أجراس الإنذار بجدّية؟