في قلب مدينة الثقافة بتونس، انطلقت فعالية "فاطمة بن سعيدان: أسرار مسيرة استثنائية" التي تنظمها المكتبة السينمائية احتفاءً بإحدى أبرز أيقونات الفن السابع التونسي. هذه التظاهرة الممتدة من 21 جانفي إلى 1 فيفري، تُلقي الضوء على رحلة فنية استثنائية رسمت ملامحها الممثلة القديرة فاطمة بن سعيدان، من خلال عروض سينمائية وجلسات حوارية تجمعها مع الجمهور والمختصين.
مقالات ذات صلة:
تكريم الممثلة التونسية فاطمة بن سعيدان في مهرجان بغداد الدولي للمسرح
النافورة: قصة نضال وجدل سياسي في قاعات السينما التونسية بداية من اليوم
مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية يكرم خميس الخياطي في دورته الـ14
فن التعمق في الشخصية
خلال اللقاء الأول لها مع جمهور المكتبة السينمائية، كشفت بن سعيدان عن فلسفتها في تقمص الشخصيات، مؤكدة أهمية الإعداد العميق والمكثف لأي دور تجسده. وذكرت أنها أمضت 20 يومًا في الإعداد لمشهد قصير لشخصية حلاقة لا يتجاوز 5 دقائق زمنًا، مستلهمة ملامح الشخصية من الواقع. بالنسبة لها، الارتجال لا يقل أهمية عن التحضير، حيث يساعد على تكوين هوية أصيلة للشخصيات.
وأشارت بن سعيدان إلى أن كل شخصية تتقمصها تصبح جزءًا من عقلها ووجدانها، حيث تبدأ رحلة الغوص في أعماقها لتقديم أداء يمسّ المتلقي من الداخل.
عرض خاص لفيلم "الجايدة"
كان عرض فيلم "الجايدة" للمخرجة سلمى بكار أحد أبرز محطات هذه الفعالية. الفيلم الذي يسبر أغوار الحياة اليومية لأربع نساء في تونس خمسينيات القرن الماضي، يسلط الضوء على "دار جواد"، المكان الذي كان مخصصًا لإعادة تأهيل النساء المتمرّدات على الأعراف. في هذا العمل، قدمت بن سعيدان دور "الجايدة"، المرأة التي تجمع بين الحكمة والشجاعة في مواجهة واقع معقد.
احتفاء بمسيرة طويلة
انطلقت سلسلة عروض الأفلام التي شاركت فيها بن سعيدان يوم 21 جانفي بفيلم "عرب" للفاضل الجعايبي والفاضل الجزيري، وستتواصل حتى 1 فيفري، مع حضورها الشخصي لمناقشة تفاصيل هذه الأعمال التي ساهمت في تكوين إرثها السينمائي. ومن المقرر أن يُعقد لقاء حواري ثانٍ معها يوم 28 جانفي، ليتعمق الجمهور أكثر في تفاصيل رحلتها الفنية.
رمز الإبداع في السينما التونسية
فاطمة بن سعيدان ليست مجرد ممثلة، بل هي مدرسة في الأداء، تحمل شغفها في كل دور وتجعل من الشخصيات التي تؤديها جزءًا من كيانها. هذه الفعالية لا تحتفي فقط بفنانة استثنائية، بل تكرّم كل ما يمثله الفن السابع التونسي من عمق وجمال وجرأة.
مع استمرار العروض والحوارات، تظل تجربة فاطمة بن سعيدان علامة فارقة تُلهم الأجيال القادمة من الفنانين والمبدعين في تونس وخارجها.