في بداية الثمانيات كانت مدينة صفاقس آنذاك تعيش على وقع أوهام المشروع العملاق "صقافس الجديدة" والذي قالوا عنه أنّه سيغيّر وجه صفاقس ويجعل منها مدينة حديثة وراقية يستطيب فيها العيش ويفتخر بها أهلها. فانطلقت الدراسات لإعداد المثال النهائي للمشروع وأمام ما وقع عرضه استحسن الجميع فكرة هذا المشروع لما يحتويه من فضاءات ومساحات خضراء ومباني فاخرة فانطلقت ألأشغال بالسرعة القصوى وأمام تزايد الإقبال الضخم للمستثمرين على اقتناء الأراضي ارتفع سعر المتر المربّع عند البيع لأعلى مستوى قياسي ممّا دفع بالشركة المشرفة على هذا المشروع إلى تغيير مثال التهيئة في أكثر من مناسبة جرّاء الربح السريع لينتهي المشروع بكارثة تاريخية في حقّ مدينة صفاقس عمارات متلاصقة شوارع ضيقّة لا تستجيب لحركة الجولان بناءات حديثة غير متناسق مع الشكل العمراني للمدينة العتيقة محلاّت تجارية ومطاعم ومقاهي أصبحت ملاذا للمنحرفين بصفاقس فالتهمت المرابيح جميع المساحات الخضراء و أصبح كلّ شبر عرضة للبيع ممّا انجرّ عنه اختناقا للمدينة و أصبحت هذه البناءات تمثّل أبرز عوامل القضاء على الطابع العمراني والتراثي والتاريخي لمدينة صفاقس إضافة لما تشهده الشوارع من ازدحام واكتظاظ مروري يؤرّق جميع القاطنين بها.