واشنطن تجري محادثات مع الاتحاد الأوروبي وفنزويلا لحظر استيراد النفط الروسي، وتخفيف العقوبات النفطية على كراكاس.
نيويورك - قفزت أسعار النفط إلى مستويات تاريخية الاثنين ليلامس البرميل 140 دولارا مقتربا من أرقام أزمة المال الكبرى في 2008، بسبب مخاوف من فرض حظر أميركي وأوروبي على النفط الروسي والتأخير في المحادثات النووية الإيرانية.
وتتعرض إدارة الرئيس جو بايدن لضغوط سياسية متزايدة لتمديد العقوبات ضد روسيا إلى مجال الطاقة. وقد استثني حتى الآن هذا القطاع من العقوبات الغربية للحفاظ على استقرار الأسواق.
وبعيد افتتاح التداول نحو الساعة 23:05 بتوقيت غرينتش، ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 12.28 دولارا أو 10.4 في المئة إلى 130.39 دولارا للبرميل، بينما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 10.70 دولار أو 9.3 في المئة إلى 126.38 دولارا.
وارتفع كلا الخامين في الدقائق القليلة الأولى من التداول الأحد إلى أعلى مستوى لهما منذ يوليو 2008، حيث بلغ برنت 139.13 دولارا للبرميل وخام غرب تكساس الوسيط 130.50 دولارا.
وسجلت تعاقدات الخامين أعلى مستوى لها منذ يوليو 2008، مع تسجيل سعر خام برنت 147.50 دولارا للبرميل وغرب تكساس الوسيط 147.27 دولارا.
وتأتي هذه القفزة غير المسبوقة في الوقت الذي تعقد فيه واشنطن محادثات مع الاتحاد الأوروبي وفنزويلا لحظر استيراد النفط الروسي، في مقابل تخفيف العقوبات النفطية على كراكاس.
وشاب غموض محادثات إحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 مع القوى العالمية الأحد، في أعقاب مطالب روسيا بضمانات من الولايات المتحدة بأن العقوبات التي تواجهها بشأن الصراع في أوكرانيا لن تضر بتجارتها مع طهران. وقالت مصادر إن الصين طرحت مطالب جديدة.
وردا على مطالب روسيا، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأحد، إن العقوبات المفروضة على روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا لا علاقة لها باتفاق نووي محتمل مع إيران.
وأعلن بلينكن الأحد أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي "يناقشان بشكل مكثف" إمكانية حظر واردات النفط الروسي، ردا على غزو أوكرانيا.
وقال في تصريح لشبكة "سي.أن.أن" الأميركية "نتحدث مع شركائنا الأوروبيين وحلفائنا للنظر بطريقة منسقة في فكرة حظر استيراد النفط الروسي، مع ضمان بقاء إمدادات كافية من النفط في الأسواق العالمية".
وأكدت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي الأحد أن المجلس يدرس قانونا لحظر استيراد النفط الروسي، وأن الكونغرس يعتزم اعتماد عشرة مليارات دولار هذا الأسبوع كمساعدات لأوكرانيا، ردا على الغزو العسكري الروسي لها.
وقالت بيلوسي في رسالة إن "مجلس النواب يدرس حاليا قوانين قوية ستزيد من عزلة روسيا عن الاقتصاد العالمي".
وأضافت أن "مشروع القانون سيحظر استيراد النفط ومنتجات الطاقة الروسية إلى الولايات المتحدة، ويفسخ العلاقات التجارية الطبيعية مع روسيا وروسيا البيضاء، ويتخذ الخطوة الأولى لمنع روسيا من الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية".
وأكد إيثان هاريس، كبير الاقتصاديين في بنك أوف أميركا، أن "الغرب إذا أوقف معظم صادرات الطاقة الروسية فسيكون ذلك صدمة كبيرة للأسواق العالمية".
وقدّر هاريس أن فقد الأسواق خمسة ملايين برميل من النفط الروسي قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط إلى المثلين إلى 200 دولار للبرميل، وانخفاض النمو الاقتصادي على مستوى العالم.
إلى ذلك، تسعى واشنطن للاستفادة من نفط فنزويلا في الضغط على موسكو، ولكن المصادر المطلعة على مناقشات المسؤولين الفنزويليين والأميركيين في كاراكاس لبحث إمكانية تخفيف العقوبات النفطية على فنزويلا، لم تحقق تقدما يذكر نحو التوصل إلى اتفاق في أول محادثات ثنائية رفيعة المستوى تجرى بين الجانبين منذ سنوات.
وتسعى واشنطن إلى فصل روسيا عن أحد حلفائها الرئيسيين، وقد استغل الجانبان اجتماع السبت في كراكاس لتقديم ما وصفه مصدر بالحد الأقصى من المطالب، مما يعكس التوترات القائمة منذ فترة طويلة بين الولايات المتحدة وأحد أكبر خصومها الأيديولوجيين.
وقالت المصادر إن وفدا أميركيا برئاسة خوان جونزاليس كبير مستشاري البيت الأبيض لأميركا اللاتينية والسفير جيمس ستوري، أجرى محادثات مع الرئيس الاشتراكي نيكولاس مادورو ونائبته ديلسي رودريغيز في كراكاس.
وقال مصدر في واشنطن إن المسؤولين الأميركيين اعتبروا الاجتماع فرصة لمعرفة ما إذا كانت فنزويلا، أحد أقرب حلفاء روسيا في أميركا اللاتينية، مستعدة للنأي بنفسها عن الرئيس فلاديمير بوتين بسبب غزوه لأوكرانيا.
وتريد واشنطن أيضا إيجاد إمدادات نفط بديلة لسد الفجوة، إذا كانت ستسعى إلى فرض مقاطعة لصناعة الطاقة في موسكو. ويمكن أن تعزز فنزويلا صادراتها من النفط الخام إذا خففت واشنطن العقوبات.
ومثّل، على ما يبدو، استعداد الولايات المتحدة للتواصل من جديد مع فنزويلا، بعد رفض مثل هذا الاتصال على مدى سنوات، دفعة لمادورو.
وجاء الاجتماع في الوقت الذي بدأ فيه توقف شريان الحياة المالي الفنزويلي لروسيا، في ظل العقوبات المفروضة على موسكو في أعقاب الهجوم العسكري الذي شنته على أوكرانيا. واستغلت كراكاس المحادثات للضغط من أجل تخفيف العقوبات الأميركية.
وقدّم أعضاء في مجلس الشيوخ الأميركي من الجمهوريين والديمقراطيين مشروع قانون الخميس، لحظر واردات النفط الروسي. وكان بايدن قد أشار عشية ذلك إلى أنه "لم يتم استبعاد أي شيء" بشأن هذا الموضوع.
وعبّر وزيرا الخارجية والمال الألمانيان الأحد عن رفضهما فرض حظر على واردات الغاز والنفط والفحم من روسيا، في إطار عقوبات جديدة مرتبطة بغزو أوكرانيا.
وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك لقناة "أي.آر.دي"، "يجب أن نكون قادرين على الاستمرار (في فرض العقوبات) بمرور الوقت".
وأضافت أن فرض العقوبات سيكون "غير مجد إذا اكتشفنا في غضون ثلاثة أسابيع أنه لم يتبق لدينا سوى أيام قليلة من التغذية بالكهرباء في ألمانيا، وأنه سيتعين علينا الرجوع عن هذه العقوبات".
ولاحقا قالت بيربوك لقناة زي.دي.أف "نحن مستعدون لدفع ثمن اقتصادي باهظ جدا"، لكن "إذا انطفأت الأنوار غدا في ألمانيا أو في أوروبا، فهذا لن يوقف الدبابات".
وبدا وزير المال الألماني كريستيان ليندنر مشككا أيضا، وقال لصحيفة بيلد "يجب ألا نحد من قدرتنا على الصمود بمرور الوقت"، معتبرا أن "اتخاذ قرار أحادي بشأن حظر" واردات الغاز والنفط والفحم من روسيا "سيكون له تأثير سلبي على هذه القدرة".
وقال ليندنر الأحد إن العقوبات الجديدة التي فرضتها مجموعة السبع على روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا، "ستؤثر قبل كل شيء على المتمولين" الذين "استفادوا من بوتين".
وأوضح للتلفزيون العام "أي.آر.دي"، عندما سئل عن تحرك مجموعة السبع التي تتولى ألمانيا رئاستها حاليا، "نحن نعمل على عقوبات أخرى".
وقال ليندنر "أريد أن تؤثر بشكل خاص على المتمولين. لا يمكن لأولئك الذين استفادوا من بوتين وسرقوا ثروات الشعب الروسي، خصوصا من خلال الفساد، الاستفادة من ثرواتهم في ديمقراطياتنا الغربية".
وأعلنت مجموعة السبع في بيان الجمعة عزمها على فرض "عقوبات جديدة صارمة" على موسكو، "ردا على العدوان الروسي" على أوكرانيا.
والخميس أدرجت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على لائحتهما السوداء متمولين جددا مقربين من الكرملين، كان استهدفهم الاتحاد الأوروبي.
ومن الإجراءات الملموسة ضد النخبة الروسية، مصادرة يخت ضخم مملوك لشركة مرتبطة برئيس شركة النفط الروسية العملاقة روسنفت، الخميس في جنوب فرنسا.
وأكد بوتين السبت أن العقوبات المفروضة على بلاده أقرب إلى "إعلان حرب"، حتى لو "لم نصل إلى ذلك بعد".
ولدى سؤاله عن إمكان نشوب نزاع نووي بين روسيا وبعض الدول الغربية، أكد ليندنر أن "الحكومة الألمانية الفيدرالية تبذل كل ما في وسعها لتجنب هذا السيناريو الفظيع والمخيف".