انطلق موسم زراعة الطماطم المعدّة للتحويل والاستهلاك الصيفي في نهاية شهر فيفري المنقضي على مساحة لم تتجاوز خمسة آلاف هكتار، مسجلةً تراجعًا حادًا مقارنة بالموسم الماضي الذي شهد زراعة ما يقارب تسعة آلاف هكتار. هذا التقلص الكبير في المساحة المزروعة يأتي في وقت يعاني فيه قطاع زراعة الطماطم من جملة من المشاكل التي تهدد استدامته في المستقبل القريب.
مقالات ذات صلة:
قوة الطماطم في حماية القلب: العلاج الطبيعي للصحة القلبية
تحديد أسعار قصوى لمعجون الطماطم في تونس للحد من ارتفاع الأسعار
أزمة مادة الحليب وانخفاض أسعار زيت الزيتون والطماطم: تحذيرات من انهيار القطاع الفلاحي
تعتبر التغيرات المناخية من أبرز الأسباب التي ساهمت في هذا التراجع، حيث شهدت المنطقة تقلبات جوية أدت إلى تقليص المساحات المزروعة، وهو ما فاقم من حدة الأزمة. ومن جهة أخرى، يعاني القطاع من عدم إقبال الجيل الجديد على العمل في هذه الزراعة، في ظل قلة فرص العمل وبُعد النشاط الزراعي عن متطلبات الحياة العصرية، ما يساهم في تدني أعداد الفلاحين الشبان الذين يعتبرون العمود الفقري لأي قطاع زراعي مستدام.
الأزمة لا تتوقف عند هذا الحد، بل تشمل أيضًا قلة اليد العاملة المتاحة للزراعة، حيث تتزايد ظاهرة هجرة الأيدي العاملة نحو مناطق أخرى أو حتى خارج البلاد، بسبب تدهور الظروف الاقتصادية في القطاع وارتفاع تكاليف الإنتاج. الأمر الذي يطرح تساؤلات حول كيفية ضمان استمرارية العمل الزراعي في ظل هذه التحديات.
إلى جانب هذه المشاكل، يواجه الفلاحون أيضًا معضلة أخرى تتمثل في سعر الطماطم المعدة للتحويل الذي بقي ثابتًا عند 250 مليمًا للكيلوغرام، رغم أن تكلفة إنتاج الكيلوغرام تتجاوز 370 مليمًا. هذا التفاوت الكبير بين التكلفة والسعر يضع الفلاحين في مواجهة خسائر مالية فادحة، مما يزيد من تفاقم الأوضاع الاقتصادية في القطاع.
ولم تتوقف الصعوبات عند هذا الحد، فقد ظهرت مشاكل جديدة تتمثل في تفشي الفطريات في الشتلات المزروعة، التي لا يتم اكتشافها إلا بعد شهرين من زراعتها. هذه الفطريات تؤدي إلى تلف جزء كبير من الإنتاج، مما يتسبب في خسائر فادحة للفلاحين ويقلل من جودة الإنتاج.
تضاف إلى هذه المشاكل معاناة القطاع من المنافسة الشرسة من المنتجات القادمة من مناطق أخرى، والتي تسهم في تراجع سعر الطماطم الطازجة، ما يهدد الإنتاج المحلي بشكل أكبر.
في ضوء هذه الأزمات المتراكمة، أصبح من الضروري اتخاذ إجراءات فورية لمعالجة المشكلات التي تواجه قطاع زراعة الطماطم. إن التنسيق بين مختلف الأطراف المعنية والبحث عن حلول مستدامة أصبح أمرًا حيويًا لضمان استمرارية هذا القطاع الذي يعد من الركائز الأساسية للزراعة في المنطقة.