يعد ملح الطعام مكونًا أساسيًا في نظامنا الغذائي اليومي، إذ يلعب دورًا محوريًا في الحفاظ على توازن المعادن في الجسم، ودعم كثافة العظام، وتنظيم الدورة الدموية. لكن في المقابل، يمكن أن يكون الاستهلاك المفرط للصوديوم سلاحًا ذا حدين، حيث كشفت دراسات حديثة أن الإفراط فيه قد يؤدي إلى الإصابة بالخرف، ويزيد من خطر الاضطرابات المرتبطة بارتفاع ضغط الدم، بل ويمهد الطريق لأعراض الاكتئاب.
مقالات ذات صلة:
الملح وضغط الدم: تحالف صحي للحياة
إضافة الملح بانتظام قد يزيد خطر الإصابة بمرض السكري
الملح والاكتئاب.. رابط غير متوقع!
في دراسة حديثة نشرت في مجلة المناعة، وجد الباحثون أن النظام الغذائي الغني بالصوديوم يحفّز إنتاج بروتين يُعرف باسم IL-17A، وهو بروتين ارتبط سابقًا بالإصابة بالاكتئاب في الدراسات السريرية. وتبين أن خلايا المناعة المعروفة باسم T-غاما دلتا تُعدّ المصدر الأساسي لإنتاج هذا البروتين لدى الفئران التي استهلكت كميات عالية من الصوديوم، حيث كانت مسؤولة عن إنتاج نحو 40% منه.
وعندما تم التخلص من هذه الخلايا، لوحظ انخفاض واضح في الأعراض الاكتئابية التي سببتها الأنظمة الغذائية الغنية بالملح، مما يشير إلى دور مباشر لهذا البروتين في التأثير على الحالة المزاجية.
التجربة تكشف الخطر!
خلال البحث، تم تقسيم الفئران إلى مجموعتين؛ الأولى تناولت نظامًا غذائيًا عادياً، بينما تم تغذية الثانية بنظام غني بالصوديوم لمدة 5 أسابيع. وكانت النتيجة صادمة؛ حيث أظهرت الفئران التي استهلكت كميات كبيرة من الملح انخفاضًا في النشاط وزيادة في الخمول، مما يعكس أعراض الاكتئاب.
والأكثر إثارة، أنه عند منع إنتاج IL-17A، اختفت هذه الأعراض تمامًا، مما يعزز من فرضية أن هذا البروتين يلعب دورًا رئيسيًا في تحفيز اضطرابات المزاج الناتجة عن الإفراط في الصوديوم.
رسالة تحذيرية.. هل حان وقت تقليل الملح؟
تُسلّط هذه الدراسة الضوء على المخاطر الصحية الكبيرة المرتبطة بالاستهلاك المفرط للملح، والذي لا يقتصر ضرره على أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم، بل يمتد ليشمل تأثيرات نفسية وعصبية خطيرة.
لذلك، من الضروري إعادة النظر في كمية الملح المستهلكة يوميًا، واتخاذ تدابير وقائية لحماية الصحة العامة، ليس فقط من الأمراض الجسدية، بل أيضًا من الاضطرابات النفسية التي قد تتفاقم بصمت مع مرور الوقت!