الحركات المستندة على الخطاب المُعادي للهجرة تلقى صدى خفيفًا في المناطق التي يسكن فيها المُهاجرون المُستهدفون منها.
بروكسل - اعتبر الأخصائي الديموغرافي الفرنسي أرفيه لوبرا أن الهجرة تلعب دورًا أساسيًا في ترسيخ أيديولوجيا اليمين المتطرّف على المستوى الأوروبي.
ويُظهر لوبرا (78 عامًا) في كتاب سينُشر الخميس، ويُشكّل دراسة مقارنة بين الشعبوية في فرنسا وإيطاليا وإسبانيا وألمانيا والنمسا والمملكة المتحدة وسويسرا، أن الحركات المستندة على الخطاب المُعادي للهجرة تلقى صدى خفيفًا في المناطق التي يسكن فيها المُهاجرون المُستهدفون منها.
ويرى أن “الهجرة يتمّ تقديمها على أنها مصدر إزعاج في الحياة اليومية”، غير أن “الذين يعتبرونها كذلك يعيشون في مناطق لا هجرة فيها”.
وفي فرنسا كان يعيش 4 في المئة فقط من المهاجرين عام 2017 في منطقة اين في شمال شرق البلاد حيث نالت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن 30.7 في المئة من الأصوات خلال الانتخابات الرئاسية الماضية، فيما حصلت على 13 في المئة من أصوات مقترعي منطقة سين – سان – دوني قرب باريس حيث يقطن 30 في المئة من الأجانب.
ويُشير إلى أن الشعبوية منتشرة أكثر في المناطق الريفية، عكس ما قد يُتوقّع لأنّ نسبة المهاجرين أكبر في المُدُن الكبرى ممّا هي عليه في الأرياف.
وتنطبق هذه المفارقة على نتائج التصويت لليمين المتطرف بالنسبة إلى حزب الحرية النمساوي وحزب فوكس الإسباني وحزب الشعب السويسري وحزب رابطة الشمال الإيطالي والحزب البديل من أجل ألمانيا ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون والسياسي البريطاني الشعبوي نايجل فاراج.
وأصبح موضوع الهجرة فحوى خطاب الأحزاب الشعبوية التي يبدأ فيها كفرصة “انتهازية” قبل أن يصبح “مركزيًا أكثر فأكثر حتى يُحدّد أخيرًا هوية هذه الحركات”.
ويقول “دون التذرّع بموضوع الهجرة، لن تكون الإجراءات التي تقترحها الأحزاب الشعبوية مترابطة”.
ويضرب مثل المرشّح اليميني للانتخابات الرئاسية المتطرف إريك زمور متسائلًا عن “كيفية تحقيقه التوازن بين جميع وعوده الاقتصادية”.
ويوضح لوبرا “زمور يقول إنّه سيسترجع مليارات اليورو التي يكلّفها المهاجرون” بطريقة يربط فيها أزمة الهجرة بشتّى أنواع الأزمات الأخرى وخصوصًا الاقتصادية.
ويلفت إلى أن الشعبوية تتحقّق عندما يكون هناك “شعب متجانس”، وهو أمر نادر. ويقول “إن حركات اليمين المتطرّف تصف الشعب من خلال إقامة تضادّ، أي أن الشعب بالنسبة إليها هو كلّ من ليس مهاجرًا”.
ويعتبر أن “الهجرة تُشكّل للشعبوية ما شكّل العرق للنازية والطبقة للشيوعية”، وهي قاعدة عقائدية تتبلور في مفهوم “الاستعاضة الكبرى” المثير للجدل، أي مفهوم حلول شعب مهاجر غير أوروبي مكان الشعب الأوروبي. وقد ينذر ذلك بتطوّر الشعبوية لتصبح توتاليتارية.