في خطوة أثارت موجة جدل واسعة داخل الأوساط السياسية والإعلامية الأمريكية، صادق مجلس الشيوخ مساء الاثنين 19 ماي 2025 على تعيين تشارلز كوشنر، والد جاريد كوشنر صهر الرئيس السابق دونالد ترامب، سفيرًا للولايات المتحدة لدى فرنسا وموناكو، رغم سجله القضائي المثير للجدل.
وجاءت الموافقة بأغلبية 51 صوتًا مقابل 45، ما يعكس انقسامًا حادًا بين الجمهوريين والديمقراطيين حول تعيين شخصية سبق أن أدين في قضايا جنائية خطيرة، بينها التهرب الضريبي والتلاعب بالشهود، وهي جرائم قضى بسببها عامًا كاملًا في سجن فيدرالي، قبل أن يشمله عفو رئاسي أصدره ترامب في نهاية ولايته الأولى.
من العقارات إلى الدبلوماسية
تشارلز كوشنر، البالغ من العمر 71 عامًا، هو أحد كبار رجال الأعمال في مجال العقارات، ومعروف بعلاقته الوثيقة بعائلة ترامب. ابنه جاريد كوشنر شغل منصب مستشار الرئيس ترامب، وكان من أبرز مهندسي السياسات الأمريكية في الشرق الأوسط، وخصوصًا "اتفاقيات أبراهام".
لكن ما يثير الانتباه في هذا التعيين هو الخلفية القانونية الحرجة للسفير الجديد، التي يعتبرها منتقدو ترامب "وصمة أخلاقية" لا تليق بمن يمثل الولايات المتحدة أمام واحدة من أبرز دول أوروبا.
عفو رئاسي وتمكين سياسي؟
تعيين كوشنر لم يكن ليمر لولا العفو الذي منحه له ترامب أواخر ديسمبر 2020، ضمن سلسلة قرارات أثارت آنذاك انتقادات حادة، واعتُبرت دليلاً على استغلال النفوذ لصالح الدائرة المقربة.
ويصف بعض المراقبين تعيين كوشنر بأنه "محطة جديدة في مسار تحويل الولاء السياسي إلى مناصب دبلوماسية حساسة"، خاصة في ظل ما تشهده العلاقات بين واشنطن وباريس من توترات متصاعدة، على خلفية خلافات تجارية وتباين في السياسات الدولية.
سفير في مهب العواصف
يأتي هذا التعيين في وقت دقيق تشهد فيه العلاقات الأمريكية–الفرنسية تذبذبًا حادًا، مع تلويح متبادل بفرض رسوم تجارية جديدة، وهو ما يُنتظر أن يضع كوشنر في قلب اختبار دبلوماسي عسير.
فهل سيكون كوشنر قادرًا على ترميم الجسور المتصدعة بين باريس وواشنطن؟ أم أن ماضيه سيبقى شبحًا يُلاحقه في أروقة الإليزيه وساحات الإعلام الأوروبي؟
تعيين يُعيد الجدل حول أخلاقيات السلطة
تعيين رجل أدين في قضايا فساد ليكون وجه الولايات المتحدة في فرنسا لا يُعد مجرد قرار دبلوماسي، بل هو رسالة سياسية بحد ذاتها، تُعيد طرح أسئلة ملحة عن معايير اختيار السفراء، وحدود العفو الرئاسي، والتوازن بين الكفاءة والنفوذ.
وفي خضم هذه الضجة، يبقى موقف باريس الرسمي غير واضح حتى اللحظة... فهل تتعامل فرنسا مع كوشنر كدبلوماسي، أم كسجين سابق في ثوب رسمي؟