يبدو أن حركة النهضة الإخوانية في تونس ستقف وحيدة في مواجهة مصير ضبابي بعد أن تخلى عنها حلفاء الماضي واحدا تلو الآخر، بالتزامن مع التغييرات السياسية الكبيرة التي تشهدها البلاد منذ 25 يوليو الماضي، وفشل الحركة في احتواء غضب الشارع.
وانبرت الأحزاب والقوى السياسية وبعض الشخصيات العامة للنأي بنفسها عن أي تحالف يجمعها بالنهضة، خاصة بعد تعهدات القضاء التونسي بملاحقة عناصر الفساد وداعمي الفوضى في البلاد ومحاسبة المسؤولين عن تردي الأوضاع الاقتصادية والسياسية وانهيار المنظومة الصحية.
وفي المقابل زادت رقعة الداعمين لقرارات الرئيس التصحيحية التي أعلنها في 25 جويلية الماضي، بتجميد عمل البرلمان ورفع الحصانة عن أعضاءه وإعفاء بعض المسؤولين في الدولة من مناصبهم.
ومنذ الإعلان عن قرارات يوليو سارعت الأحزاب والقوى السياسية في البلد فضلا عن النقابات العامة والاتحاد التونسي للشغل الذي يعد أكبر مظلة عمالية ونقابية في البلاد إلى دعمها والمطالبة باستكمالها من أجل تحقيق الصالح العام وإرساء مبادئ الديموقراطية والدستور، وتدريجيا انضمت إليها كافة القوى التي كانت تمثل حليفا للنهضة في الماضي.
ويرى المراقبون أن تحركات القوى السياسية تأتي اتساقاً مع مطالبات الشارع التونسي الغاضب جراء تحركات النهضة، التي انحازت عن المصلحة العامة وخرجت عن الأجندة الوطنية للدولة لصالح أيدولوجيا متطرفة.
ويرى المحلل السياسي التونسي بلحسن اليحياوي أن الالتفاف حول القيادة السياسية وتوحيد صف القوى التونسية هو أمر جيد لمواجهة التحديات التي تمر بها البلاد في الوقت الراهن، وسيسهم في تذليل العقبات وتعميق الدعم الدولي لما يقوم به الرئيس قيس سعيد.
النهضة انتهت
ويقول اليحياوي إن حركة النهضة كما عرفناها خلال العشرة سنوات الماضية، قد انتهت تماما وبالتالي كيف يمكن أن تتحور هذه الحركة وما الشكل الجديد الذي ستأخذه، بحيث تتموقع من جديد في الحياة السياسية والشارع التونسي، أخر يحمل الكثير من الاحتمالات، ولكن بالقطع لن تنتهي إلى الأبد.
وبالحديث عن القوى السياسية التي كانت في وقت ما حليفة، للنهضة الإخوانية يرى اليحياوي أن إجراءات 25 يوليو أثبتت أنها قوى افتراضية وليس لها أي وجود في الواقع، وليس لها قاعدة شعبية في الشارع التونسي، وانتهت منذ الإعلان عن نتائج الانتخابات وهذا يفسر أننا منذ الخامس والعشرين من يوليو لم نر أي حركة لجميع هذه القوى السياسية، حتى مجرد عقد مؤتمر صحفي للتعبير عن وجهة نظرها، لذلك فإنه من الواضح أن النهضة كانت تستحوذ على القوى السياسية، ولكن في المقابل لم ترى الثانية في النهضة الشريك المناسب.
ويشير اليحياوي إلى أن محاولة هذه القوى السياسية لتحوير خطابها هي مجرد آلية للعودة إلى الخارطة السياسية في البلاد، وضمان حيز ما في مستقبل تونس السياسي.
من جانبه، وعد الرئيس التونسي، قيس سعيّد، بإعادة السيادة إلى الشعب، في إطار دستور البلاد، حتى لا تكون كلمة السيادة "مهجورة" في الدستور.
وجاءت تصريحات سعيّد، التي نقلتها وسائل إعلام تونسية، الأحد، أثناء استقباله أعضاء منظمة أعراف (الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية) في القصر الرئاسي بالعاصمة تونس، مساء السبت.
وقال سعيّد: ''سنعمل في أقرب الآجال على تنظيم ما يجب تنظيمه في إطار الدستور حتى تعود السيادة للشعب لا أن تكون السيادة كلمة مهجورة في نصّ الدستور''.
وأضاف أنه ''سيمر في أقرب الأوقات إلى الإجراءات التي عبّد الشعب طريقها''.