اختر لغتك

 

غالبية التونسيين يفضلون عودة النظام الرئاسي

غالبية التونسيين يفضلون عودة النظام الرئاسي

غالبية التونسيين يفضلون عودة النظام الرئاسي

الرئيس التونسي يتخذ من نتائج الاستشارة الإلكترونية منطلقا لحوار وطني.

عكست نتائج الاستشارة الوطنية ميل التونسيين إلى عودة النظام الرئاسي، الذي يعتبرونه الأفضل لقيادة البلاد، في ظل الإخلالات التي أفرزها النظام البرلماني الحالي، والتي أسقطت البلاد في أزمات لا تنتهي.

تونس - أظهرت نتائج الاستشارة الإلكترونية الوطنية التي أجراها الرئيس التونسي قيس سعيّد أن نحو تسعين في المئة من المشاركين يريدون تغيير النظام السياسي في البلاد إلى رئاسي، بعد أن ثبت عقم النظام الحالي الذي أفرز نوعا من المحاصصة الحزبية، انتهت بالبلاد في أكثر من مناسبة إلى حالة من الشلل السياسي.

وانطلقت الاستشارة الإلكترونية التي أعلن عنها الرئيس سعيّد نهاية العام 2021، في جانفي وانتهت في العشرين من مارس الذي يتوافق واحتفال التونسيين بعيد الاستقلال. وشارك في الاستشارة 534.915 شخص من مجموع الناخبين البالغ عددهم أكثر من سبعة ملايين ناخب حسب إحصاءات رسمية (مجموع سكان تونس حوالي 12 مليون نسمة).

وبيّنت النتائج التي انبثقت عنها أن 86.4 في المئة من المشاركين يريدون نظاما سياسيا رئاسيا في البلاد عوضا عن البرلماني الذي أقرّه دستور 2014.

وبخصوص الإصلاحات التي يراها التّونسيون ضرورية لتطوير الحياة السّياسية، اختار 60.8 في المئة تعديل القانون الانتخابي، و44.4 في المئة تعديل قانون الأحزاب.

وفضل 38 في المئة من المشاركين في الاستشارة تعديل الدّستور الحالي (دستور 2014)، مقابل 36.5 في المئة صوّتوا لوضع دستور جديد.

وقال سعيّد خلال عرض النتائج من قبل وزير التكنولوجيات نزار بالناجي وبحضور رئيسة الحكومة نجلاء بودن في مقطع فيديو نشرته الرئاسة “رقم معبّر حتى يكون قاعدة للحوار الوطني ولكن الحوار لن يكون مع من أرادوا الإطاحة بالدولة وتقسيم المجتمع”، في اشارة إلى حزب النهضة ذي المرجعية الإسلامية وأشد المعارضين لقرارات الرئيس.

وكان راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة والذي يترأس البرلمان المجمد منذ جويلية الماضي قام بدعوة مكتب المجلس المجمد إلى عقد جلسة عامة، في خطوة كادت تدخل البلاد في أتون تنازع على الشرعية، لو لا تحرك الرئيس سعيد وحل البرلمان، في خطوة لاقت تفاعلا كبيرا في الشارع التونسي.

وذكر سعيّد مرارا أن النظام السياسي الحالي كان سببا في ظهور مشاكل عديدة وخلافات بين السلطات، معتبرا أنه لم يعد ملائما.

ويتفق العديد من التونسيين مع موقف سعيد حيال النظام الحالي، الذي يحملونه المسؤولية عن التدهور الذي تعيشه البلاد، وعن تفش لظاهرة الفساد التي ضربت معظم مؤسسات الدولة وهياكلها.

ويعتقد غالبية التونسيين أن النظام الأجدر لقيادة البلاد هو النظام الرئاسي، حيث تتركز معظم السلطات بأيدي الرئيس، على خلاف النظام الحالي الذي تتوزع فيه الصلاحيات بين ثلاث مؤسسات (التشريعية والتنفيذية والرئاسية)، وعند كل منزلق تعمد كل مؤسسة إلى إلقاء المسؤولية لدى الجهة المقابلة.

وكان النظام الرئاسي النظام السياسي الذي قاد الدولة التونسية خلال فترتي حكم الرئيسين الراحلين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي، قبل أن تتم الاستعاضة عنه بنظام شبه برلماني في العام 2014.

وأعلن الرئيس التونسي في الخامس والعشرين من جويلية الماضي عن جملة من الإجراءات الاستثنائية أهمها تجميد أعمال البرلمان وإقالة رئيس الحكومة.

وطرح سعيد في ديسمبر الماضي خارطة طريق لإنهاء تلك الإجراءات من بينها تنظيم استفتاء وطني حول إصلاحات دستورية في الخامس والعشرين من جويلية المقبل بالإضافة إلى إجراء انتخابات تشريعية في السابع عشر من ديسمبر.

وكشف حينها عن الاستشارة الوطنية التي لا تقتصر فقط على معرفة موقف التونسيين من النظام السياسي الذي يرغبون بإرسائه، بل وأيضا رأيهم بشأن جملة من المحاور تتضمن الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والتربوية.

وأكد الرئيس التونسي حصول “أكثر من 120 ألف هجوم من الداخل والخارج على الموقع” المخصص للاستشارة وقال “هاجموا الاستشارة لكنهم لم يفلحوا”، مشددا على أنه متمسك بخارطة الطريق التي أقرها وأنه لن تكون هناك أي انتخابات بعد ثلاثة أشهر، في رد على مطالبات بالدعوة إلى انتخابات تشريعية خلال تسعين يوما بعد قرار حل البرلمان الأربعاء.

وأوضح سعيد “مررنا اليوم إلى مرحلة جديدة من التاريخ، ومن يعتقدون أن بإمكانهم تأويل الدّستور وفق أهوائهم فهم واهمون، دورنا حماية الدولة من الانقسام وسنكون في مستوى تطلعات شعبنا”.

واعتبر أن “من يروجون لإجراء انتخابات تشريعية خلال ثلاثة أشهر بعد حل البرلمان يحلمون ويجب أن يستفيقوا، هدفنا حماية الدولة واستمراريتها، لا أن نسرع لتحديد موعد انتخابات مبكرة”.

وكانت بعض القوى السياسية أبدت تحفظات على الاستشارة الوطنية يتصدرها الحزب الحر الدستوري الذي تقوده المحامية عبير موسي، والتي اعتبرت أن هذه الاستشارة هي “محاولة لتزييف إرادة التونسيين”، معلنة الجمعة أنها ترفض كل ما سينبثق عنها بما في ذلك الاستفتاء.

وبدا موقف موسي من الاستشارة وما أفرزته من نتائج مستغربا من قبل البعض لاسيما وأنها لطالما حثت على تغيير النظام في البلاد إلى رئاسي، لكن مراقبين يرون أن هذا الموقف يعود بالأساس إلى خشية رئيسة الحزب الدستوري الحر من فقدان فرصتها في أي انتخابات رئاسية في ظل وجود الرئيس سعيد.

ويشير المراقبون إلى أن موسي تدفع حاليا باتجاه انتخابات تشريعية تفتح لها المجال لفرض شروطها في العملية السياسية، وعندها تدعم خيار الاستفتاء على النظام السياسي، لكن وفق الخارطة المرسومة حاليا فإن الأمور لا تبدو لصالحها.

ومن المنتظر أن تجمع لجنة مقترحات المواطنين وتعد الخطوط العريضة للاستفتاء على الدستور الذي سيجرى في جويلية.

 

Please publish modules in offcanvas position.