اختر لغتك

قيس سعيد يواجه الإضرابات كما واجه الأحزاب: دعها تتآكل

قيس سعيد يواجه الإضرابات كما واجه الأحزاب: دعها تتآكل

قيس سعيد يواجه الإضرابات كما واجه الأحزاب: دعها تتآكل

الحكومة لم تلجأ إلى الصدام واختارت الرد بالخصم من رواتب المضربين.

تونس - لم يفلح لجوء الاتحاد العام التونسي للشغل إلى الإضراب كورقة ضغط في دفع الرئيس قيس سعيد إلى تقديم تنازلات بأيّ شكل للمنظمة النقابية ولا لقيادتها التي تريد أن تلعب دورا سياسيا إلى جانب دورها الاجتماعي.

وقالت أوساط سياسية تونسية إن قيس سعيد واجه الإضرابات كما واجه الأحزاب من قبل، فالاتحاد كان يأمل أن تفقد الدولة أعصابها وتلجأ إلى العنف في مواجهته فيكتسب مظلومية تعطي مشروعية لدوره السياسي الذي فقده منذ إجراءات الخامس والعشرين من يوليو، لكن سعيد أهمل الاتحاد كما أهمل الأحزاب من قبل واستمر في تنفيذ إصلاحاته.

وحرص الرئيس سعيد وحكومة نجلاء بودن على الجلوس إلى الاتحاد وإقناعه بالظروف الصعبة التي تعيشها البلاد، وضرورة أن تراعي النقابات في مطالبها هذا الوضع الذي ازداد صعوبة مع الأزمة العالمية وصعوبة الحصول على الحبوب والمواد الغذائية وارتفاع الأسعار بشكل حاد، وحين وجدا أن القيادة النقابية لا تبحث من المفاوضات عن حل وإنما عن تسجيل مواقف تم إنهاء الحوار.

واعتبرت الأوساط السابقة أن الخطاب التصعيدي لأمين عام اتحاد الشغل نورالدين الطبوبي، الخميس، يعبر عن خيبة أمل في أن الإضراب لم يدفع الحكومة إلى الهرولة وتقديم تنازلات سريعة ومرتبكة كما كان يحصل في السابق، وهو ما يعني أن الحكومة ومؤسسة رئاسة الجمهورية حريصتان على إعطاء الاتحاد الحجم الذي يستحق، وأن قيس سعيد جاد في حصر الاتحاد عند دوره الاجتماعي.

وهذا يعني أن الاتحاد فشل من خلال اللجوء إلى الإضراب في فرض دور سياسي في المرحلة الجديدة. كما أكد أن غيابه عن الحوار الوطني ليس قضية بالنسبة إلى الدولة، وأنه إذا أراد المشاركة فعليه أن يحضر إلى اللجنة المعنية بالحوار وتقديم مقترحاته وليس بمحاولة فرض نفسه عن طريق الاستعراض الخطابي، أو اعتبار نفسه فوق الجميع، وأن على الدولة أن تنفذ خارطة الطريق التي قدمها هو والتخلي عن خططها وبرامجها.

ولاحظ مراقبون أن الدولة لم تعمد إلى إطلاق حملة إعلامية ضد الاتحاد، وأنها تعاملت مع الإضراب كما لو أنه لم يكن موجودا، وهو ما يؤكد أن لديها خطة واضحة للرد عن طريق الإهمال، فالاهتمام السياسي والإعلامي بالإضراب قد يعطيه قيمة وقد يوحي بأن الحكومة ضعيفة أو أنها منزعجة منه ومن منفذيه.

وبحسب هؤلاء المراقبين فإن ذلك لا يعني أبدا أنها لن تتعامل معه بالقانون. ومثلما أهمل الرئيس سعيد إضراب القضاة ووجه بالخصم من رواتبهم، لا يوجد ما يمنع من تعميم المسألة لتطال إضراب الخميس، حيث يتوقع أن تصدر الحكومة تعليماتها إلى الإدارات المعنية لتنفيذ أوامر الخصم لتوجه رسالة إلى الاتحاد بأنه طالما لجأ إلى الاستعراض، فإن من حق الحكومة أن تلجأ إلى الدفاع عن نفسها وفق الآليات القانونية.

وكانت الرسالة واضحة من خلال دعوة رئيس الجمهورية الحكومة إلى التشدد مع الإضراب في قطاع القضاء، حيث قال إن “المرفق العمومي للدولة لا يمكن أن يتوقّف”، وإن “من الضروري اقتطاع أيام العمل واتخاذ جملة الإجراءات الأخرى المنصوص عليها بالقانون حتى لا يتكرّر المساس بمصالح المتقاضين”.

ولا تبدو الحكومة مستعدة لتقديم تنازلات تحت الضغط، وهو ما بدا واضحا في حديث المتحدث باسم الحكومة نصرالدين النصيبي الذي قال إن الإضراب ستكون له تكلفة كبيرة على تونس، وإن” النقابة تطالب بمطالب لا يمكن الإيفاء بها”. وأضاف “لا نريد إعطاء وعود كاذبة لاتحاد الشغل”.

ويقول المراقبون إن الاتحاد يقدم مطالب تعجيزية بالنسبة إلى الحكومة، وهذا ليس كلام قيس سعيد ولا وزراء حكومة بودن، بل كلام خبراء عالميين يتوقعون أن تشهد المرحلة القادمة بسبب الحرب في أوكرانيا أزمات كثيرة في مناطق بالشرق الأوسط بينها تونس، وأن الأمر قد يتطور إلى احتجاجات شبيهة بما جرى في 2011، وأن أولوية أيّ حكومة الآن هي توفير الضروريات لشعبها.

ولاحظ هؤلاء أن الاتحاد ينظر إلى الوضع على أساس أن مهمة الحكومة أن تقترض عالميا وتدفع رواتب لموظفين يعملون أو لا يعملون، وهذه مهمة مستحيلة، فالمانحون باتوا يشترطون على الحكومة توظيف أموال القروض في الاستثمارات وتوفير مواطن شغل جديدة بدل ضخها لكسب ود النقابات، مشيرين إلى أنه فيما سبق كانت فكرة المطلبية ممكنة لأن العالم يريد شراء الهدوء ويمكن أن يساعد أيّ بلد للحفاظ على استقراره، أما الآن فالأزمات في كل مكان.

وبحسب المراقبين فإنه بدل التصعيد يحتاج الاتحاد إلى أن يجلس مع الحكومة ويعرف إمكانياتها المالية ومدى قدرتها على ضخ زيادات جديدة في ظل الأزمة الحادة، وأن يسعى لصيغة توافقية معها بشأن موعد الزيادات وقيمتها.

ولم يعد للطلبات التي يقدمها الاتحاد دون علم أو معرفة بالوضع الحقيقي للمالية مكان في تونس الآن، خاصة أن الكل يعرف أنها مزايدة سياسية وأنه من المستحيل، ولأسباب عملية وليست سياسية، أن تتم تلبية شروط النقابات، أو الإيفاء بزيادات سنوية بعضها غير منطقي مثل تلك التي تتعلق بحصول النقابيين على نسب من عائدات الدولة مثلما هو الشأن في قطاع المالية.

 

آخر الأخبار

العودة المدرسية في تونس: زيادة في عدد التلاميذ والمدرسين والمؤسسات التعليمية

العودة المدرسية في تونس: زيادة في عدد التلاميذ والمدرسين والمؤسسات التعليمية

تراجيديا في ملعب رادس: وفاة مشجع أثناء تشجيعه للملعب التونسي بسبب أزمة قلبية

تراجيديا في ملعب رادس: وفاة مشجع أثناء تشجيعه للملعب التونسي بسبب أزمة قلبية

صعود أسعار الخضروات والغلاء يعصف بالغلال مع انخفاض مفاجئ للأسماك

صعود أسعار الخضروات والغلاء يعصف بالغلال مع انخفاض مفاجئ للأسماك

تحديات وقضايا في مباراة الملعب التونسي واتحاد العاصمة: غياب ماهر الكنزاري وتأثير العقوبات الإفريقية

تحديات وقضايا في مباراة الملعب التونسي واتحاد العاصمة: غياب ماهر الكنزاري وتأثير العقوبات الإفريقية

تأمين وفرة السكر في تونس بمناسبة المولد النبوي الشريف

تأمين وفرة السكر في تونس بمناسبة المولد النبوي الشريف

Please publish modules in offcanvas position.