في خطوة غير مسبوقة، يلوّح الرئيس التونسي، قيس سعيد، بإدارات الجيش كبديل عن البلديّات المتعثرة في تنفيذ المشاريع العمومية، وتأتي هذه الخطوة في ضوء استنجاد الرئيس سعيد بالجيش لإعادة تهيئة وتطوير المنشآت الرياضية المحلية.
تعتبر تونس واحدة من الدول التي حافظت على تحييد الجيش عن الحياة المدنية، إلا أنه يمتلك خبرات كبيرة في العمل المدني ويتمتع بالانضباط والإنجاز في مهام محددة، وقد قدم الجيش في الماضي مساعدة في مجالات مختلفة، مثل التدخل في حالات الطوارئ الطبيعية والأعمال الإنشائية والمساعدة الأمنية، هذا ولقد استعان الرئيس سعيد بالجيش الوطني التونسي أيضا خلال جائحة كورونا لمكافحة انتشار الوباء وتقديم المساعدة الطبية.
وفي السياق الحالي، يتطلع الرئيس قيس سعيد إلى استخدام الجيش كبديل فعال للبلديات المتعثرة، ويتجلى ذلك في زيارته الأخيرة للمسبح البلدي في ساحة باستور بالعاصمة تونس، حيث أعرب عن انزعاجه من تعثر العمل البلدي وتعثر الإدارة، وأشار إلى ضرورة تدخل إدارات الجيش لإعادة تهيئة المنشأة الرياضية وتحسينها.
ومع هذه الخطوة، يعكس الرئيس سعيد رغبته في تحقيق العمل والإنجاز بسرعة وفعالية، بدلا من التعثر والبيروقراطية التي تميز إدارة البلديات، وقد يعد هذا الاستخدام أيضا رسالة للإدارة البلدية بأن هناك أشخاص قادرون على تحقيق العمل بشكل أفضل.
ومع ذلك، فإن استخدام الجيش في المشاريع العمومية يثير بعض الانتقادات، فهناك من يعتبر أن دور الجيش ينبغي أن يكون محصورا في الأمور الأمنية والدفاعية، ولا ينبغي استخدامه لتنفيذ المشاريع المدنية، كما يشير بعض المراقبين إلى وجود لوبيات تعرقل عمل الدولة لخدمة مصالحها الخاصة، ويثير هذا الاستخدام الجديد للجيش تساؤلات حول فصل السلطات والحفاظ على استقلالية الجيش عن الحكومة المدنية.
وعلى الرغم من ذلك، فإن هناك أيضا من يرحب بالخطوة التي اتخذها الرئيس سعيد، فقد يكون الجيش قادرا على تحقيق العمل والإنجاز بشكل أكثر فعالية نظرا لانضباطه وتنظيمه القوي؛ بالإضافة إلى ذلك، فإن توظيف الجيش في المشاريع العمومية قد يسهم في تعزيز الثقة بين المواطنين والسلطات، حيث يعتبر الجيش مؤسسة محترمة وموثوق بها في الدولة.
ومن المهم أن يتم تنظيم عملية توظيف الجيش في المشاريع العمومية بشكل صحيح وواضح، مع وضع آليات محددة لضمان حسن التنفيذ والمتابعة، كما يجب أن يتعاون الجيش مع البلديات والجهات المعنية الأخرى لضمان تحقيق الأهداف المشتركة بطريقة متوازنة وشفافة، و يجب أيضا أن يتم تأطير هذا الاستخدام الجديد للجيش بإطار قانوني ودستوري صارم يحافظ على حقوق المواطنين ويضمن استقلالية الجيش.
باختصار، يمكن اعتبار استخدام الجيش كبديل عن البلديّات المتعثرة في تنفيذ المشاريع العمومية خطوة جريئة ومثيرة للجدل، وقد يكون لها آثار إيجابية في تحقيق العمل والإنجاز بشكل أكثر فعالية، ولكن يجب أن تتم بحذر وتنظيم جيد لضمان حفظ التوازن بين السلطات واحترام حقوق المواطنين.
Présidence Tunisie رئاسة الجمهورية التونسية
وزارة الدفاع الوطني تونس - Ministère de la Défense nationale Tunisie