اختر لغتك

حادثة جربة: عندما يُختبر التعايش… وتُستفز السيادة

حادثة جربة: عندما يُختبر التعايش… وتُستفز السيادة

حادثة جربة: عندما يُختبر التعايش… وتُستفز السيادة

في خضمّ الجدل الذي أثارته حادثة الاعتداء بالعنف على مواطن تونسي من الديانة اليهودية في جزيرة جربة، أعادت هذه الواقعة – وإن كانت معزولة – إلى الواجهة نقاشًا أوسع حول التعايش الديني في تونس، وحدود التدخل الأجنبي في القضايا السيادية، وكيفية إدارة الصورة الدولية لبلد يتموقع منذ عقود كأرض للتسامح والانفتاح.

🔍 بين الواقعة والترويج: أين الحقيقة؟

في حين لم تُؤكد الجهات الرسمية التونسية إلى حدّ الآن صحة تفاصيل الحادثة كما تمّ تداولها من قِبل بعض وسائل الإعلام ومصادر أجنبية، سارعت بعض الأصوات، خصوصًا من خارج تونس، إلى تضخيم الحادثة وإخراجها من سياقها، متحدثة عن "استهداف منهجي للجالية اليهودية"، وهو ما ردّ عليه وزير السياحة الأسبق، روني الطرابلسي، مؤكدًا أنّ ما حدث – إن حدث – يظلّ "حادثًا معزولًا لا يُعبر عن روح التونسيين"، مشددًا على تماسك أبناء جزيرة جربة بمختلف مكوّناتهم.

ردّ الطرابلسي، القادم من قلب الجالية اليهودية في تونس، يحمل أكثر من رسالة: أولًا، دحض محاولات التشويه المتعمّد لصورة تونس، وثانيًا، تذكير بأن الجالية اليهودية ليست "ضيفة" بل جزء أصيل من النسيج الوطني، وأن العلاقة بينها وبين محيطها المحلي علاقة تجذّر لا تعايش فقط.

🛡️ تونس… نموذج ديني فريد تحت الضغط

تونس، بلد الـ 12 ديانة والمئة لهجة ثقافية، ما تزال، رغم هشاشات المرحلة، تحافظ على نموذج فريد من التعايش. لا يمكن إنكار الصعوبات أو حوادث متفرقة، ولكن المقارنة مع محيطها الإقليمي تضعها دائمًا في موقع متقدّم.

حادثة جربة الأخيرة تزامنت مع أجواء مشحونة إقليميًا، وفي سياق توترات دولية غير مسبوقة، مما يجعل أي حادث – ولو فرديًا – مادة سهلة للتوظيف السياسي والإعلامي. وقد سبق أن واجهت تونس محاولات مشابهة خلال حادثة إطلاق النار على معبد الغريبة سنة 2023، ونجحت حينها في احتواء الأزمة، دون أن تسمح بأن تُستغل لتشويه مناخ العيش المشترك في جربة.

📌 الردّ الإسرائيلي... والتحدي السيادي

الردّ الرسمي الصادر عن وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي جدعون ساعر، الذي طالب السلطات التونسية بـ"تحمّل مسؤوليتها" تجاه حماية الجالية اليهودية، فتح بابًا آخر للنقاش: هل ما زالت تونس قادرة على الإمساك بخيوط السيادة في قضاياها الداخلية، دون أن تُتهم بالتقاعس في حماية التعدد؟

الحكومة التونسية، وإن لم تصدر بيانًا مباشرًا ردًا على ساعر، فإنها أرسلت رسائل سياسية ضمنية: عبر تصريحات الطرابلسي، ومن خلال التأكيد على التزام الدولة الراسخ بضمان أمن كل مواطنيها، دون تمييز، ورفضها لأي وصاية خارجية أو مساومة على سيادتها.

🧭 منطق الدول لا منطق الأفراد

في لحظات كهذه، يصبح من الضروري فصل الانفعال عن التحليل. الاعتداء على أي مواطن – بغض النظر عن دينه أو عرقه – مرفوض ومدان، لكن القفز إلى استنتاجات خطيرة، من دون تثبّت ولا أدلة، لا يخدم الضحية بل يخدم أجندات أخرى.

التعايش الحقيقي لا يُقاس بغياب الحوادث، بل بقدرة الدولة والمجتمع على معالجتها بالعقل والحكمة، دون تسويف ولا تهويل. وقد أثبتت تونس، مرارًا، أنها قادرة على الإمساك بهذا التوازن.

🧩 خاتمة: تونس... ليست على المحك، لكنها بحاجة لحذر

حادثة جربة، إن ثبتت، تفرض تحركًا عاجلًا ومباشرًا من السلطات، ليس فقط لحماية مواطن بعينه، بل لحماية النموذج التونسي كله. وفي المقابل، فإنّ الاستقواء بالخارج أو اللعب بورقة "الأقلية المستهدفة" لن يخدم الجالية اليهودية، بل قد يزيد من عزلتها الرمزية.

الجميع معنيٌّ اليوم بصون هذا النسيج التاريخي الذي يميّز تونس عن جيرانها: دولة تحترم كلّ أبنائها، دون أن تسمح لأحد بأن يملي عليها سياساتها تحت غطاء الحماية أو التضامن.

آخر الأخبار

🎤 عزيز الدزيري يفضح بصوته "المسهول": أغنية تهز عرش الفساد وتصرخ باسم المواطن المغبون!

🎤 عزيز الدزيري يفضح بصوته "المسهول": أغنية تهز عرش الفساد وتصرخ باسم المواطن المغبون!

🏆 الكاف يُغلق الباب أمام الهواة: مدربون بلا "كاف برو" خارج المنافسات القارية!

🏆 الكاف يُغلق الباب أمام الهواة: مدربون بلا "كاف برو" خارج المنافسات القارية!

🔴 بعد عامين من التوتر: "حج الغريبة 2025" بوجوه تونسية فقط وداخل المعبد حصريًا

🔴 بعد عامين من التوتر: "حج الغريبة 2025" بوجوه تونسية فقط وداخل المعبد حصريًا

🔴 من 101 سنة إلى 4 سنوات فقط: محكمة الاستئناف تُفجّر مفاجأة في قضايا شفيق الجراية!

🔴 من 101 سنة إلى 4 سنوات فقط: محكمة الاستئناف تُفجّر مفاجأة في قضايا شفيق الجراية!

📉 من "صُنّاع الأمل" إلى الهامش: هل تنهار الطبقة الوسطى من بوابة التعليم؟

📉 من "صُنّاع الأمل" إلى الهامش: هل تنهار الطبقة الوسطى من بوابة التعليم؟

Please publish modules in offcanvas position.