اختر لغتك

مطماطة التونسية قرية الكهوف الأغرب في العالم

مطماطة التونسية اكتسبت شهرتها بعد اختيارها موقعا لتصوير مشاهد أحد أفلام سلسلة "حرب النجوم" في سبعينات القرن الماضي.

تزخر تونس بالكثير من الأماكن السياحة الجذابة، والتي تستقطب السياح من كافة أنحاء العالم، بما فيها المنتجعات السياحية على الشواطئ الممتدة على البحر المتوسط، أو تلك المترامية الأطراف في قلب الصحراء، لكن من بين أفضل الأماكن إثارة قرية مطماطة الجبلية الصغيرة التابعة لولاية قابس، والتي قد تكون من بين الأماكن الأغرب في العالم.

 

مطماطة (تونس) – تشكل قرية مطماطة الجبلية الملقبة بقرية الكهوف، أحد أبرز المعالم السياحية في تونس، نظرا لغرابة الأماكن التي يعيش فيها سكان المنطقة، بتلك الطريقة منذ المئات من السنين.

وتجمع القرية، التي تبعد عن ولاية قابس في جنوب البلاد قرابة 35 كلم، مناظر طبيعية مختلفة في مكان واحد، فمن المكان الجبلي المثير يمكن للزوار الاستمتاع بالطبيعة الصحراوية وشاطئ البحر، في لوحة أنيقة لا تتكرر كثيرا في حوض المتوسط.

ورغم أن القرية الهادئة تحتوي على مطاعم سياحية محفورة في الجبال، إلا أن مطماطة القديمة تعتبر قلعة أثرية بأتمّ معنى الكلمة، إذ استطاعت حتى الآن أن تحافظ على معالمها بفضل وعي سكانها بالمحافظة على إرث آبائهم وأجدادهم.

وتحمل مطماطة، التي يحلو للبعض تسميتها بمدينة القصور أو هوليوود تونس، بين جدرانها العريقة المنحوتة في الصخر، مجموعة كبيرة من الشواهد التاريخية والموروث الشعبي لقبائل الأمازيغ، التي تسكن القرية حتى الآن.

وتتفرّد هذه القرية الجبلية الصغيرة بمنازلها الواقعة تحت الأرض، والتي كانت سببا في اختيارها موقعا لتصوير بعض مشاهد أحد أفلام سلسلة “حرب النجوم” الأميركية في سبعينات القرن الماضي.

وظهرت القرية في الفيلم وكأنها من كوكب آخر. وقد اكتسبت بفضل ذلك شهرة واسعة جعلتها أحد الأماكن السياحية الرئيسية لقوافل الزوار الذين يتّجهون لزيارة المعالم الأثرية أو الصحراوية في جنوب تونس.

وتراود المهتمين بالسياحة الصحراوية في تونس طموحات كبيرة من أجل تحويل المناطق التي احتضنت تصوير أشهر أفلام هوليوود بما فيها حرب النجوم إلى مزارات سياحية عالمية تجذب المزيد من السياح الأجانب وتساعد في ضخ أموال إضافية لخزينة الدولة.

ويعود تاريخ إنشاء قرية مطماطة إلى أكثر من 40 عقدا من الزمن، ويطلق عليها الأمازيغ اسم “أثوب”، وهي كلمة تعني أرض السعادة أو أرض الهناء.

ووفق بعض سكان القرية، الذين تحدثت معهم “العرب”، فإن اسم مطماطة أطلق على قبيلة أمازيغية قديمة سكنت هذه المنطقة.

والقرية ليست الوحيدة التي سكنها هؤلاء، فهناك قرى أخرى محيطة بالمكان وهي تمزرت وتوجان وتيجما وتيشين.

ويؤكد محرز كعوان، وهو أحد سكان القرية، أن مطماطة مكان يتميز بالخصوصية في كل شيء، حيث نقل الأجداد ما روته الكتب التاريخية التي تحدثت عن تمكن الأمازيغ من التصدي لغزوة أهالي قبيلة بني هلال القادمين من مصر في ذلك الوقت، ولم يستطيعوا التأقلم في العيش معهم. ولذلك قرروا الهجرة إلى هذه المنطقة.

وتشير الروايات إلى أنهم اضطروا للسكن والإقامة في الجبال وقاموا بحفر بيوتهم في باطنها حتى لا يراهم أحد، وأن الهدف من حفر المنازل في باطن الأرض يتعلق بالمناخ، خاصة أن باطن الأرض كان دوما رطبا في الصيف، ودافئا في الشتاء.

ويمكن للسياح والوافدين أن يلحظوا عند دخولهم القرية من مدخلها الشمالي انتصاب قلعة قصر جمعة الشامخة، والتي تطل على المنطقة الداخلية للمدينة.

وهناك معلم مهمّ في مطماطة يتمثل في المغارة، التي سكنت فيها الكاهنة دهيا بنت ثابت ويطلق عليها اسم بتل كويست عند هجومها على مدينة قابس، وقد تم تعريب اسم هذه المغارة في ما بعد ليصبح اسمها الحالي دار كواس.

وتعتبر منازل هذه القرية الهادئة ذات طبيعة خاصة وغريبة للزائرين، فهي عبارة عن كهوف محفورة في باطن الجبل وكل منزل مكون من باحة رئيسية وسط المنزل تزيّنها الرسوم القديمة، وتفتح عليها أبواب الغرف الأخرى، في شكل متناسق لم يتطلب جهد جحافل المهندسين.

وخلال التجوال في القرية، تلفت جميع المنازل الانتباه، إذ من الواضح أن جميع السكان متفقون في كيفية تصميمها، ففي كل منزل أو الحفرة كما يسمّيها البعض، يوجد المطبخ المجهز بالفرن المبني من الطين والفخار، كما تقسم الغرف، فمنها للنوم وأخرى للأكل والاستراحة وتوجد غرف أخرى للضيوف.

ولم يفت سكان القرية أن يحفروا غرفا أخرى في منازلهم لتكون مكانا لتخزين المؤونة والمياه، والغريب أنها ليست على هيئة واحدة. وهذا الأمر يثير السياح عن تجوالهم فيها.

وتنحت الغرف حول ردهة كبيرة محفورة بمنتصف المنزل ومفتوحة على الهواء الخارجي للأعلى، وبها المدخل الرئيسي للمنزل. ويقول السكان إنهم قاموا ببناء منازل بواسطة أدوات تقليدية كالفؤوس والقفاف لإخراج الأتربة.

ويعمل سكان قرية مطماطة حتى الآن في الزراعة وتربية المواشي والمهن البدائية، إلا أن بعضهم خرج إلى مدينة مطماطة الجديدة وسكن المنازل بشكلها الحديث.

ولم يقتصر ذكر القرية بين الأوساط الصحافية والسياحية وبين مجتمع هوليوود فقط، بل أضحت ضمن الأعمال الأدبية كذلك، حيث وردت في كتاب للروائي عثمان لطرش تحمل اسم “مطماطة”.

ويقول لطرش إن مسالك مطماطة الملتوية الوعرة لم تغب عن متن الرواية، فإذا بالقارئ كأنه يصّعد في الجبل يلهث فيقف عند النبع ثم يرقّى حتى يدرك القمة، أما المنازل المحفورة تحت الأرض، والتي تسمّى الحوش وجمعها أحواش، فهي الكنز المعماري النفيس بل الفريد، في رحابه ودهاليزه.

 

رياض بوعزة / صحافي تونسي

آخر الأخبار

إيران تعلن الحداد بعد اغتيال حسن نصر الله: خامنئي يؤكد استمرار مسيرة المقاومة

إيران تعلن الحداد بعد اغتيال حسن نصر الله: خامنئي يؤكد استمرار مسيرة المقاومة

تطورات مثيرة في قضية حركة عازمون: إيداع أمينة المال السجن بتهم تزوير التزكيات!

تطورات مثيرة في قضية حركة عازمون: إيداع أمينة المال السجن بتهم تزوير التزكيات!

النادي الإفريقي يحقق انتصارًا مثيرًا في عقر دار الاتحاد المنستيري!

كرة السلة: النادي الإفريقي يحقق انتصارًا مثيرًا في عقر دار الاتحاد المنستيري!

النادي الإفريقي يواصل التألق بفوز ساحق على قوافل قفصة

النادي الإفريقي يواصل التألق بفوز ساحق على قوافل قفصة

النادي الإفريقي يحقق فوزًا ثمينًا في الجولة الخامسة من بطولة النخبة الوطنية لكرة اليد

النادي الإفريقي يحقق فوزًا ثمينًا في الجولة الخامسة من بطولة النخبة الوطنية لكرة اليد

Please publish modules in offcanvas position.