المشير خليفة حفتر ينتقد عدم دعم الغرب للجيش الليبي بالسلاح كقوة تحوز على تأييد غالبية الليبيين.
أعاد تحرير مدينة درنة الليبية بالكامل طرح المزيد من التساؤلات بشأن خطة قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر في المستقبل القريب، هل سيكتفي بترتيب أوضاع الشرق ومطاردة فلول الميليشيات المسلحة، أم سيتجه غربا مثلما يطالبه الكثير من الليبيين حيث يتمركز أغلب خصومه من ميليشيات وقوى سياسية ويسيطرون على مدن مهمة مثل العاصمة طرابلس ومصراتة.
وبدا المشير خليفة حفتر في خطاب إعلان النصر مساء الخميس عاتبا على الغرب ومواقفه المضطربة من الملف الليبي، موجها له لوما صريحا بحجب السلاح وترك الأمر لصالح ميليشيات وقوى سياسية وقبلية متناحرة بدل دعم الجيش كقوة تحوز على دعم غالبية الليبيين.
وتفرض عملية تحرير درنة، وتطهيرها من آخر فلول الميليشيات المتطرفة، إعادة النظر في المقاربات السياسية السابقة، لإيجاد تسوية للأزمة الليبية التي مازالت تتأرجح بين الصراعات الداخلية المحتدمة، والتجاذبات الإقليمية والدولية المتشابكة.
ويرجح المتابعون للمشهد الليبي أن تُعيد هذه العملية خلط الأوراق السياسية، وموازين القوى على الميدان بما يجعل ليبيا تنعطف نحو منعرج جديد بالغ الخطورة يبقي الخيارات مفتوحة على كل الاحتمالات.
وأعلن حفتر عن تحرير مدينة درنة بالكامل، قائلا “نعلن اليوم بكل فخر تحرير مدينة درنة الغالية على كل الليبيين وعودتها من جديد إلى حضن الوطن لتعم الفرحة كاملة أرجاء ليبيا”.
واستطاعت قوات الجيش تحقيق هذا الانتصار رغم محاولات الإرباك التي مارستها الجماعات الإرهابية على الصعيدين السياسي والعسكري، حيث لجأت في مرات عديدة إلى التشويش على هذه العملية، ومحاولة عرقلتها بالمفخخات، وصولا إلى فتح جبهات جديدة كان آخرها معركة الهلال النفطي.
لكن الجيش الليبي تمكن من تجاوز تلك العراقيل، وصولا إلى تحرير المدينة في خطوة وصفها حفتر بـ”النصر العظيم”، في كلمته التلفزيونية التي لم يتردد فيها في التعبير عن استنكاره لموقف المجتمع الدولي، قائلا إنه “لا يعترف بجميل الجيش الليبي في محاربته للإرهاب، ويواصل فرض حظر التسليح عليه، ويمنعه من الحصول على السلاح”.
وقال المحلل السياسي الليبي عبدالحكيم فنوش، إن كلمة حفتر حملت رسائل عديدة تفرض على المتابعين إعادة قراءة الحسابات المرتبطة بمجمل العملية السياسية الراهنة.
واعتبر أن تحرير درنة سيفرض مشهدا جديدا على الصعيد الميداني، يعكس سيطرة الجيش على مجمل برقة والمنطقة الشرقية، وهو أمر يحمل أبعادا سياسية من شأنها تغيير المعادلة الراهنة.
وبحسب فنوش، فإنه يتعين النظر إلى تحرير درنة ليس فقط كانتصار عسكري، وإنما أيضا باعتباره انتصارا سياسيا أفقد الأطراف الأخرى أدواتها الوظيفية التي راهنت عليها في درنة لإضعاف الجيش، وتشتيت جهوده، ومحاولة إلغاء دوره السياسي.
وتابع أن هذا المتغير ستكون له تداعيات مباشرة على المشهد العام في ليبيا، لجهة إحداث تغيير جوهري في موازين القوى، خاصة أنه يأتي بعد أيام قليلة من إعلان الجيش سيطرته الكاملة على منطقة الهلال النفطي، وتجفيف ما يصفه بمنابع الإرهاب.
واعتبر فنوش أن استنكار حفتر لموقف الغرب، ولومه الواضح على المجتمع الدولي، هما رفض صريح لازدواجية المعايير التي يتعامل بها المجتمع الدولي مع الملف الليبي.
وتشاطر سلطنة المسماري، عضو مجلس النواب الليبي (البرلمان)، ما ذهب إليه فنوش في توصيفه لأبعاد الرسائل التي تضمنتها كلمة حفتر. وقالت إن إعلان الانتصار في درنة هو خطوة جديدة من شأنها تعزيز رصيد الجيش كرقم صعب في المعادلة السياسية بالبلاد.
ووصفت ما حققه الجيش بـ”المعجزة” الحقيقية على أرض الواقع، بالنظر إلى حجم التضحيات، والعراقيل، ومحاولات تشتيت الجهود والضغوط التي تعرض لها، لافتة إلى أن فرحة أبناء درنة لخير دليل على ارتفاع ثقة الشعب الليبي في جيشه.
وكان المئات من أهالي درنة قد خرجوا إلى الشوارع مباشرة بعد كلمة حفتر للاحتفال بتحرير مدينتهم بعد سنوات من سيطرة الجماعات الإرهابية عليها بقوة السلاح.
وأعرب عدد من السياسيين والنواب الليبيين في شرق ليبيا عن ارتياحهم لهذه الخطوة التي وصفت بأنها انتصار على الإرهاب والإرهابيين، فيما التزمت حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج، الصمت حيث لم يصدر عنها أي موقف.
غير أن ذلك لم يمنع عضوي المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فتحي المجبري، وعلي القطراني، من الإعراب عن سعادتهما لنجاح الجيش في بسط سيطرته على درنة، حيث وصفا في بيانين منفصلين ذلك بأنه “انتصار على الإرهاب والداعمين له”.