تتجه أنظار المنطقة إلى بغداد اليوم الجمعة 6 ديسمبر 2024، حيث يعقد اجتماع ثلاثي يضم وزراء خارجية العراق وإيران وسوريا. هذا اللقاء يأتي في سياق مشهد سياسي وأمني معقد، تتشابك فيه أبعاد محلية وإقليمية ودولية، حيث تسعى الأطراف إلى تخفيف حدة التوتر في سوريا والتصدي للتهديدات الأمنية الناتجة عن تصاعد النشاط المسلح في المنطقة.
مقالات ذات صلة:
الرئيس الأسد: سوريا قادرة على دحر الإرهابيين مهما اشتدت الهجمات
جامعة الدول العربية تحذّر: سوريا على حافة الفوضى وسط تصعيد خطير في حلب
قصف إسرائيلي جديد يستهدف مناطق وسط سوريا
سياق الاجتماع: أزمات متشابكة
الاجتماع بين وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين ونظيريه الإيراني عباس عراقجي والسوري بسام صباغ يتزامن مع تقارير تؤكد نشر إيران مسلحين من الفصائل العراقية وحزب الله في سوريا. الهدف الأساسي من هذه الخطوة هو التصدي لتقدم "مفاجئ" للتنظيمات المسلحة في مناطق كانت تحت سيطرة النظام السوري، ما يشير إلى تصعيد ميداني قد يغير موازين القوى على الأرض.
في هذه الأثناء، رفعت العراق جاهزيتها الأمنية على الحدود مع سوريا تحسبًا لتسلل محتمل للجماعات المسلحة. يأتي هذا التحرك بعد أن أكدت الولايات المتحدة أن الفراغ الأمني الناتج عن السياسات القمعية للنظام السوري ساهم في تعزيز وجود هذه الجماعات، مما زاد من تهديد الأمن الإقليمي.
مخاطر التصعيد: معادلات معقدة
يتزامن هذا الحراك الدبلوماسي مع جهود أميركية لتخفيف التصعيد، حيث شددت وزارة الدفاع الأميركية على أن الأمن الإقليمي يتطلب معالجة جذرية للأسباب التي أدت إلى تصاعد التوتر، بما في ذلك السياسات التي غذّت الفوضى. ومع ذلك، فإن تعقيد الملف السوري وتضارب المصالح الدولية والإقليمية يجعلان الحلول السريعة بعيدة المنال.
رسائل ودلالات الحراك العراقي
يمثل هذا الاجتماع تأكيدًا على دور العراق المتنامي كوسيط إقليمي في الملفات الشائكة. فمن جهة، يرتبط العراق بمصالح أمنية مباشرة في الملف السوري، خصوصًا مع وجود حدود مشتركة طويلة وتأثير أمني متبادل. ومن جهة أخرى، يحاول العراق تحقيق توازن دقيق في علاقاته مع الأطراف الإقليمية والدولية، بما يضمن مصالحه ويعزز مكانته الدبلوماسية.
آفاق الاجتماع: هل تتحقق الحلول؟
تُطرح العديد من التساؤلات حول قدرة هذا الاجتماع على تحقيق اختراق في الأزمة السورية، خاصة في ظل تعقيد الوضع الميداني وتشابك الأجندات الإقليمية. فإيران تسعى إلى تعزيز نفوذها في سوريا، بينما يحاول العراق احتواء تداعيات التصعيد وحماية حدوده، في حين تراقب الولايات المتحدة وحلفاؤها المشهد بحذر وسط دعوات لتقليص التوتر.
رغم هذه التحديات، فإن الاجتماع يحمل فرصة لإطلاق حوار بناء يركز على إيجاد مقاربات مشتركة لمعالجة القضايا الأكثر إلحاحًا، مثل مكافحة الإرهاب وضبط الحدود وتعزيز الاستقرار في سوريا والمنطقة ككل.
بغداد في قلب المعادلة
يثبت هذا اللقاء أن العراق ليس مجرد متأثر بالأحداث في المنطقة، بل فاعل قادر على لعب دور الوسيط، خصوصًا في ظل تصاعد أهمية دوره الجيوسياسي. وبينما يسعى العراقيون لتعزيز أمنهم الداخلي، يبدو أن بلدهم يتحول تدريجيًا إلى مركز للحوار وحل النزاعات، وهو مسار قد يعيد التوازن إلى منطقة مضطربة.