اختر لغتك

حين تتهاوى الأوطان بين شهوة التغيير وخديعة التحرير

حين تتهاوى الأوطان بين شهوة التغيير وخديعة التحرير

إسقاط الأنظمة كان ولا يزال خيارا تلجأ إليه الشعوب حين تسد كل السبل، لكنه قد يتحول إلى كارثة حين يغيب التخطيط وتفتح أبواب التدخلات الخارجية،وما حدث الآن في سوريا لا يمكن وصفه إلا بانهيار مزدوج؛ نظام فقد شرعيته، ودولة مزقتها الأطماع، وبينما كان يرفع شعار الحرية كانت القوى العالمية ترسم خرائط جديدة تستخدم الأرض والشعب وقودا لصراعاتها.

مقالات ذات صلة:

فرحات حشاد: زعيم العمال الذي أرعب الاستعمار وأشعل شرارة التحرير

قيس سعيّد: الإعلام الوطني جبهة لتحرير تونس وبناء مستقبل الحرية والعدل

حملة واسعة لإزالة الانتصاب الفوضوي وتحرير الطريق العام في القصرين

اليوم، ونحن نراقب خروج إرهابيين من السجون السورية، يصبح الخطر أكثر وضوحا، هؤلاء الذين استغلوا لسنوات كأدوات في النزاعات الإقليمية، يتحولون الآن إلى تهديد عابر للحدود، حيث أنهم سيجدون في ليبيا منفذا مثاليا للعودة إلى الساحة، فليبيا الدولة الجارة التي تعاني من فوضى السلاح وغياب السلطة الموحدة باتت مسرحا لنشاط الجماعات المتطرفة وملاذا لكل من يريد تهديد استقرار المنطقة.

وتونس بحكم موقعها الجغرافي ليست بمناى عن هذا الخطر، فالحدود المفتوحة مع ليبيا تمثل معبرا يمكن أن يستغل لتسلل العناصر الإرهابية، ما يجعل الأمن القومي التونسي أمام اختبار حاسم، والتحدي هنا لا يقتصر على حماية الحدود كخطوط جغرافية، بل يتطلب منظومة شاملة تبدأ باليقظة الاستخباراتية، وتصل إلى تعزيز الوحدة الوطنية كجدار داخلي يمنع الاختراق.

لكن الأخطار الأمنية ليست وحدها ما يهدد تونس، فالانقسامات السياسية والصراعات الداخلية تضعف قدرة الدولة على مواجهة هذه التحديات، لذا واجب تأجيل الخلافات الداخلية وتوحيد الصفوف ليس رفاهية، بل ضرورة تفرضها اللحظة الراهنة، اذ إن استنزاف الطاقات في معارك جانبية يترك المجال مفتوحا أمام الأعداء الحقيقيين الذين يترقبون أي ضعف أو انقسام.

الحرية التي ترفع شعارا دون وعي بحمولتها قد تكون خديعة تقود إلى الفوضى، والعدو الذي لا يرى بالعين المجردة غالبا ما يتسلل تحت غطاء شعارات براقة، وتونس اليوم مطالبة بأن تفرق بين الحرية التي تبنى على أسس وطنية، والحرية الزائفة التي تستخدم كأداة لتحقيق أجندات خارجية.

فسوريا تقدم درسا مريرا جدا، فحين تفتح الأبواب للفوضى تصبح الأوطان مسرحا لكل أشكال الخراب، واليوم ليبيا تمثل بوابة قد تستخدم لإعادة إنتاج هذا السيناريو في دول الجوار، لذا فإن التحدي أمام تونس ليس فقط في حماية حدودها من الإرهابيين، بل في حماية مجتمعها من الاختراقات الفكرية التي تضعف الروح الوطنية وتفتح المجال للفوضى.

ولايمكننا أن نتخطى اهمية الأمن القومي فهو ليس مجرد مسألة حدود تراقب بل هو وعي جماعي وإرادة سياسية تدرك الأولويات، اذ إن حماية تونس تبدأ من الداخل بإعادة ترتيب الصفوف وتجاوز الخلافات الضيقة، لتكون مستعدة لمواجهة أي تهديد قادم، لأن الأوطان لا تبنى بالشعارات ولا تحفظ إلا بوحدة الصف ووضوح الرؤية وإلا فإنها تغدو عرضة للسقوط في نفس الفخاخ التي أسقطت غيرها.

تونس بتاريخها وموقعها قادرة على تجاوز هذا التحدي، لكن ذلك لن يتحقق إلا إذا أدركت أن حماية الوطن ليست مسؤولية فئة دون أخرى بل هي واجب يشترك فيه الجميع، فالعدو الذي خرج من سجون سوريا ينتظر فرصة جديدة، وتونس يجب أن تكون جاهزة لصده عند أول محاولة.

آخر الأخبار

في رسالته بمناسبة اليوم الدولي للمهاجرين: الأمين العام للأمم المتحدة يدعو لحماية المهاجرين

في رسالته بمناسبة اليوم الدولي للمهاجرين: الأمين العام للأمم المتحدة يدعو لحماية المهاجرين

رسميًا: دربي العاصمة دون حضور جمهور النادي الإفريقي

رسميًا: دربي العاصمة دون حضور جمهور النادي الإفريقي

ملتقى احتفالية الرواية التونسية بتوزر: إحياء السرد وفتح آفاق جديدة

ملتقى احتفالية الرواية التونسية بتوزر: إحياء السرد وفتح آفاق جديدة

الجامعة التونسية لكرة القدم تنبه أندية الرابطة الأولى بضرورة تسوية ديونها

الجامعة التونسية لكرة القدم تنبه أندية الرابطة الأولى بضرورة تسوية ديونها

انطلاق عروض فيلم "موفاسا: الأسد الملك" في قاعات السينما التونسية

انطلاق عروض فيلم "موفاسا: الأسد الملك" في قاعات السينما التونسية

Please publish modules in offcanvas position.