اختر لغتك

لماذا عجزت المعارضة عن حشد الشارع ضد قانون المصالحة ؟

فشلت المعارضة البرلمانية في اسقاط قانون المصالحة الادارية الذي تمت المصادقة عليه بـ117 صوتا، صخب كبير رافق المصادقة في قبة البرلمان، صراخ و عراك و ترديد للنشيد الوطني و تشويش على تدخلات نواب النهضة و النداء من طرف نواب الجبهة الشعبية و التيار الديمقراطي و حراك تونس الارادة.

لماذا فرضت الاغلبية رأيها على الاقلية و انتصرت المغالبة على التوافق؟ اين التفاهمات و التوافقات كما حصل في الدستور و قضايا اخرى عديدة ؟

لقد ولى الزمن الذي يتقاطر عليه المئات و الالاف لمحاصرة البرلمان في باردو و تجيش الآلة الاعلامية على مدار الساعة، فاصحاب تلك الماكينة هم اليوم في السلطة و استغلوا ذلك الزخم و العداء الايديولوجي للترويكا لهرسلتها و اقصائها من السلطة . طبعا ، الترويكا و عمودها الفقري حركة النهضة قامت باخطاء كارثية و سوء تقدير للكثير من الامور كما حاولت عقد صفقات مع رموز النظام القديم في الخفاء رغم الخطاب العدائي لانصارهم في القضاء الافتراضي.

لقد تلاعب النداء و رئيسه وقتها الباجي قايد السبسي بالجميع ووظفهم للوصول الى السلطة ثم رمى بهم بعد لقاء الشيخين الشهير في البريستول بباريس الذي قال عنه حمه الهمامي وقتها "سي الباجي ماهوش يرضع في صبعو".

الاكيد ان رئيس الدولة يعرف الجمبع و يعلم حدود ازعاجهم و من كثر صياحه وزره او تجاهله او حذره لانه يملك ملفاتهم . طبعا توجد قوى شبابية و اجتماعية رافضة للمشروع وهي صادقة في مواقفها لكن عليها ان تقطع مع قيادات الاحزاب المكبلة باتفاقيات تحت الطاولة ، وهي قادرة على الازعاج و التغيير بفضل نقائها الثوري.

الغضب الشعبي مؤثر لكن احزاب المعارضة لا تملك العمق الشعبي و بقي الامر عند بعض الشباب المتحمس خارج المجلس . لماذا لا تلجأ الجبهة و بقية القوى الى الاعتصام لاسقاط القانون ؟ لكن من سيموّل الاعتصام(حتى بدون روز بالفاكية ) ؟ و اين الاعلام الذي سيواكبه ؟ لقد تغير الوضع فالماكينة مع المصالحة . قبل سنة تحدثت لينا بن مهني عن حيوية الشارع زمن الترويكا في كل المناسبات لان الكل كان يدفع للتظاهر ليس من اجل المبادئ و لكن من اجل ازعاج و اسقاط النهضة و المرزوقي ، اما اليوم فقد انتهى ذلك الصخب الثوري بعد 2014 . الكل و بدون استثناء ساهم في عودة الماكينة ، و الجميع يتهرب من النقد الذاتي.

بعد المصالحة، يطرحون تغيير النظام السياسي بدل الاسراع في انجاز الانتخابات البلدية التي تهم مشاغل المواطنين .. في الدستور الحالي اضافوا للرئيس صلاحيات واسعة و كان كل نواب المعارضة وقتها راضون به . الان يريد الرئيس الباجي قايد السبسي صلاحيات فرعونية وسط تطبيل ضاربي البندير المعروفين من سياسيين و اساتذة قانون يمعنون في تبخيس انفسهم طمعا في منصب او ترقية . يريد الباجي ان يكون مثل بورقيبة و لكن الزمان غير الزمان و السياق التاريخي مختلف.

المشكل ليس في النظام السياسي لان جميع السلطات بيد الحزب الفائز ، المشكل هو في تناقض من كانوا يعتبرون دستورنا الافضل في العالم و اليوم يريدون الانقلاب عليه .قال برهان بسيس انهم مستعدون لاستفتاء شعبي لاجل ذلك ، اما الانتخابات البلدية فهم غير مستعدين لها.

قال المفكر المغربي محمد عابد الجابري : في الثمانينات ، كانت الجزائر اشتراكية و المغرب راسمالية ، لكن الغريب ان لهما نفس المشاكل الاقتصادية و الاجتماعية لان الخلل ليس في طبيعة النظام بل في العقلية التي تسيّر النظام".

سؤال اخير : من يهاجم قانون المصالحة لا ينسق مع عرّابيه تحت الطاولة لتغيير الدستور و تاجيل الانتخابات ، اليس كذلك ؟؟

 

كاتب و محلل سياسي

آخر الأخبار

تونس في المرتبة الثانية في هجرة الكفاءات: أزمة تهدد المستقبل وضرورة استراتيجية وطنية للحد منها

تونس في المرتبة الثانية في هجرة الكفاءات: أزمة تهدد المستقبل وضرورة استراتيجية وطنية للحد منها

90 عامًا من الأمجاد: ترجي جرجيس يحتفي بتاريخه ويتصدر البطولة

90 عامًا من الأمجاد: ترجي جرجيس يحتفي بتاريخه ويتصدر البطولة

حين تتحول المهرجانات إلى بوابة للإثراء السريع: من يحاسب الفاسدين؟

حين تتحول المهرجانات إلى بوابة للإثراء السريع: من يحاسب الفاسدين؟

بنزرت تستضيف ملتقى إقليمي حول "مقاربة تشاركية من أجل ريادة المؤسسات الثقافية"

بنزرت تستضيف ملتقى إقليمي حول "مقاربة تشاركية من أجل ريادة المؤسسات الثقافية"

فيروز.. أيقونة الوطن وصوت الأوطان يحتفل بعيدها التسعين وسط أنقاض الوطن

فيروز.. أيقونة الوطن وصوت الأوطان يحتفل بعيدها التسعين وسط أنقاض الوطن

Please publish modules in offcanvas position.