اختر لغتك

الحمامات: اختتام اعمال الندوة الدولية حول المجتمع المدني والانتقال الديمقراطي

اسدل الستار ظهر أمس الأول السبت 14 اكتوبر الجاري بالحمامات على اعمال الندوة الدولية حول "المجتمع المدني والانتقال الديمقراطي، دراسة حالات والتي نظمها على مدار يومين فرع تونس للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات وذلك  بمشاركة عدد من الخبراء والباحثين من تونس ومن عدد من الدول العربية والافريقية وتضمن برنامج الجلسة الختامية مجموعة من المداخلات العلمية بحثت محور "المجتمع المدني والنوع الاجتماعي"وفى هذا الاطار قدمت الباحثة التونسية منية الرقيق مداخلة بعنوان "الجندر والفعل الجماعي للتفرد" سبرت فيها رأي ثلاث نسوة من ثلاثة اجيال مختلفة بعد اول انتخابات تلت الثورة التونسية (الحالة الأولى لامرأة مناضلة من فترة الاستعمار وتواصل العمل من اجل تونس وعمرها 75 سنة، الحالة الثانية لامرأة من جيل الستينات أي في عمر 52 سنة و الحالة الثالثة لامرأة من جيل الثمانينات أي الشباب وعمرها 30 سنة) حيث لاحظت المحاضرة أن المرأة التونسية تحولت من كائن تابع ونتاج آلي للحتميات الاجتماعية المختلفة بما في ذلك الاستهلاك الجنسي الى كائن مبدع لمصيره وواع بذاته عبر مختلف اشكال الفعل الجماعي المتفرد ضمن سياقات صنع الفاعل الاجتماعي وبلورة مشروع تحرر الذات لدى المرأة التونسية.

اوضحت الاستاذة منية الرقيق اننا نعيش مرحلة قلب القيم الازدواجية السائدة لتضعنا امام استراتيجية للفعل ثنائية الابعاد: العمل على تغيير القوانين والسياسة والافكار السائدة من ناحية والعمل على تغيير العلاقة مع الذات وإعادة بنائها من ناحية ثانية،  مؤكدة  على عدم وجود وعي كافي بان المسالة لا تتعلق بإثبات وجود الفاعل النسائي بل بتحريره ضمن تحرير المجتمع.

وفى مداخلة بعنوان "معضلة المشاركة السياسية للمرأة في تجربة التحول الديمقراطي في الجزائر" تعرضت الباحثة الجزائرية فاطمة اودينة الى تطور المشاركة السياسية للمرأة في بلادها  خلال ثلاثة مراحل مختلفة: الاولى قبل صدور دستور 1989 الذي اقر التعددية السياسية، الثانية تلك التي تلت اقرار هذا الدستور، الثالثة بعد اقرار التعددية الحزبية سنة 2012 وخلصت الباحثة الى ان المشاركة السياسية للمرأة بقيت صورية وضعيفة وانه على المرأة الجزائرية ان تضاعف نضالاتها من اجل تعزيز المكتسبات  الدستورية والتمثيلية التي تحققت خلال الفترة الاخيرة حتى ترتقي الى مستوى الممارسة السياسية الحقيقية والفعالة وفقا لتصور واضح ورشيد لإدارة الشأن السياسي، كما ينبغي عليها ان تتحلى باردة قوية في الاستمرار في نظامها السياسي من اجل توسيع مشاركتها في مختلف القطاعات ومساهمتها في عملية التنمية الشاملة.

ومن جهتها قدّمت المغربية سلمى بن سعيد محاضرة بعنوان "الحرية الجنسية للمرأة المغربية بين الحق في المساواة والالتزام بالقيم المجتمعية" حيث لاحظت ان المرأة المغربية ناضلت وتحصلت على بعض المكتسبات وشكلت بذلك خطوة ،اعتبرتها المحاضرة، جبارة في تاريخ انهاء النزاع في موضوع المساواة بين الجنسين واشارت ان الشغل الشاغل للمرأة هو تحقيق المساواة  مع الرجل في كل الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والجنسية، غير ان هذه المساواة اقتضت تعديلات وتغييرات لذهنية التمييز التي تفسد العلاقة بين الجنسين، مشيرة الى ان هذه المعركة القانونية  استدعت معركة موازية في عمق المجتمع تشمل التعليم والاعلام والشارع والتمثلات والمتخيل الجماعي وقالت" هذا ما تمثل مؤخرا في النقاش المجتمعي المحتدم الذي شهده المغرب سنة 2015 فيما يخص قضية الإجهاض التي تعد مظهرا من مظاهر التحول الديمقراطي الذي يعيشه المجتمع المغربي والذي لازال يتأرجح بين القيم التقليدية والحداثية ويبحث عن نفسه.

وتناول الباحث بشار عبد الرحمان من اليمن موضوع "دور مواقع التواصل الاجتماعي في تشكيل الصورة الذهنية للمرأة الأردنية العاملة بمنظمات المجتمع المدني لدى النخبة الاكاديمية" وطرح أسئلة حول مدى استعمال مواقع التواصل الاجتماعي كمصادر للحصول على المعلومات المتعلقة بأنشطة منظمات المجتمع المدني المهتمة بشؤون المرأة والتأثيرات المعرفية والوجدانية والسلوكية الناجمة جراء ذلك، وحاول القاء الضوء على المعوقات الاجتماعية والثقافية التي تحول دون وصول المرأة الأردنية لمراكز قيادية في اطار العمل المدني غير الحكومي المرتبط بقضايا المرأة من وجهة نظر المستجوبين في الدراسة الميدانية التي انطلق منها العمل.

وتوصل بشار عبد الرحمان الى ان بروز صورة ذهنية محايدة وتتجه قليلا نحو الايجاب عن منظمات المجتمع المدني المهتمة بشؤون المرأة لدى النخبة الاكاديمية الأردنية وقال :" رأى المستجوبون ان أنشطتها مستقلة وانها جادة في معالجة قضايا المرأة ثم انها تقوم بإصلاحات مهمة في المجتمع واداؤها حقيقي وفي المقابل وجدان الصورة الذهنية لدى المبحوثين عن المرأة العاملة بها سلبية حيث رأى انها امرأة فاشلة ، وغير مستوعبة لطبيعة النشاط المدني وغير مؤهلة علميا وضعيفة الأفق وخبراتها وحضورها ضعيف فضلا عن انها شخصية عادية وغير مؤثرة وهنا نشير الى ان النخبة الاكاديمية ثقتها ضعيفة في أداء المرأة وغير مؤهلة لان تكون قيادية على راس العمل المدني.

وتفاعلا مع هذه المداخلات اشار الحاضرون الى انه رغم المكتسبات العديدة التي تحققت للمرأة العربية خلال العقود الاخيرة على مختلف الاصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية فان هذه المشاركة  تبقى ضعيفة  ولا يمكن ان ترتقي الى مستوى الطموحات والتطلعات وعليه فان المرأة مطالبة بمزيد النضال والعمل على الارتقاء بمشاركتها في الشأن العام.

وتم في هذا السياق تأكيد  ضرورة تحسين مؤشرات التمكين السياسي والاقتصادي والاجتماعي للمرأة وخاصة في الوسط الريفي واوضح بعض الحضور ان المرأة العربية لم تتخلص بعد من ذلك التفكير الذي جعل منها خزانا انتخابيا لا اكثر، يستهوي الفاعلين السياسيين والاحزاب دون النفاذ الى صلب المعوقات التي تحول دون مشاركة حقيقية للمرأة في ادارة شؤون البلاد والمجتمع ومعالجتها في العمق.

جدير بالذكر أن أشغال هذه الندوة الدولية انطلقت يوم  الخميس 12 اكتوبر الجاري وهي ندوة انتظمت بهدف تعميق الحوار والنقاش حول دور المجتمع المدني في عدد من الدول العربية  في ديناميكية الانتقال الديمقراطي التي تشهدها هذه البلدان وإسهامه (المجتمع المدني) فى كسر الطوق والحصار الذي فرضته الاحزاب التقليدية على الحياة السياسية  والدفع نحو إعادة تشكيل واقع سياسي جديد يأخذ بعين الاعتبار جملة المتغيرات  السياسية  والاقتصادية والاجتماعية  والثقافية  التي تتشكل في هذه  البلدان.

وطرحت  هذه الندوة العلمية جملة من الأسئلة التي بالإجابة عنها يمكن الحديث عن فتح  منفذ هام لفهم جملة التحولات الاجتماعية  التي تمر بها مجتمعاتنا العربية وهو ما يفترض، منهجيا، مقاربات متعددة الاختصاصات تتخذ من المجتمع المدني والانتقال الديمقراطي موضوعا  للدراسة الميدانية والبحث والتحليل.

وفى كلمة بالمناسبة اشار الدكتور مهدي مبروك مدير فرع تونس للمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات الى ان التحولات الديمقراطية الجارية في عدد من البلدان العربية اتاحت الفرصة لمساءلة المجتمع المدني وإعادة اكتشافه والتعرف على فاعلين جدد وفدوا إليه من مسالك ومسارات مختلفة موضحا  انه رغم الاختلاف حول تعريف المجتمع المدني وتقييم منزلته و أداءه وتباين وجهات النظر حول وظائقه و ادواره و المناهج التي  يتبناها و مدى انسجامها مع مقتضيات التحول الديموقراطي،  فقد تمكن (المجتمع المدني) من ابتكار أشكال مستحدثة من الاحتجاج والضغط والمشاركة في صناعة القرار السياسي إلى حد انه فرض خياراته في أكثر من حالة على المجتمع السياسي واضاف ان النخبة  العلمية وصناع القرار في حاجة اليوم إلى تحديد تحولات المجتمع المدني وخصوصياته وديناميته الدلالية في علاقته بالتحولات التي تشهدها البلدان العربية خاصة إذا اعتبرناه ركنا محوريا سيحدد مصائر  الانتقال الديمقراطي مؤكدا على انه من دواعي تجديد البحث في دور المجتمع المدني وإشكاليات استعماله وقدراته الإجرائية هو تجاوز ثنائية المجتمع المدني /الدولة.

كما بيّن الدكتور مهدي مبروك ان انفتاح المجتمع المدني في السنوات الاخيرة على مسائل مفهومية متفرعة عنه كالفضاء العام والرأي العام والحوكمة ودولة القانون وقضايا الفساد والرقابة وإدارة الصراعات ونشأة مجموعات الضغط وأشكال جديدة للفعل المواطني وهو ما  ادى الى بروز صعوبات في ضبط أدوار المجتمع المدني ووظائفه خصوصا مع أزمة تكلس الخيال السياسي لدى بعض النخب وكيفية انخراطه في وظائف ثقافية واجتماعية وتنموية جديدة، وهذا الأمر يبدو وكأنه "افتكاك" للوظائف التقليدية للدولة أو تقليص منها لمصلحة الجمعيات والمنظمات غير الحكومية ولوبيات المصالح المتنفذة . فهذه المنظمات بصدد فرض نفسها كفاعل سياسي شرعي، يؤثر حتى في السياسات العمومية وله قدرات تعبوية هائلة وشبكات تضامن معولمة، خاصة أثناء إدارة الانتقال السياسي وترسيخ مقتضيات الانتقال الديمقراطي..

وفى مداخلة بعنوان "مفهوم المجتمع المدني بين الاستخدام الوصفي والاستخدام المعياري النقدي" بحث الاستاذ منير الكشو في تطور مفهوم المجتمع المدني  على امتداد الحقبات التاريخية والحضارية المختلفة فأشار الى تنامي استخدام عبارة "المجتمع المدني" في الخطاب العمومي وتطور دوره في ادارة الشأن العام الى درجة انه فرض نفسه  كشريك فعلي واساسي للمجتمع السياسي وبين ان تنامي هذا الدور يعكس وجود نوع من التخبط في المجتمع السياسي وهو ما مهد الطريق للمجتمع المدني لتعزيزه موقعه  في المشهد العام ومقارعة الدولة  وفرض مشروعية  التعامل معه مشددا بالمناسبة  على اهمية التعامل مع المنضمات المدنية بروح نقدية وبين ان مفهوم المجتمع المدني في العصر الحديث لم يسلم من التباين والاختلاف بين من يعتبره فاعلا خصوصيا لايرتبط بوصاية الدولة الا في ما يتعلق بإنفاذ القانون وبين من يختزله في انه امتداد لمفهوم قديم يعتبره  كيانا  يدافع عن مصالح فردية وذاتية مشيرا الى ان المقاربة الليبرالية الكلاسيكية ترى فيه انه نظام تلقائي قادر على التطور دون حاجة  للدولة.

وفى مداخلة تحت عنوان ""مفهوم المجتمع المدني في عصر العولمة ممقاربة ابستيمو- نظرية " حلل الباحث الجزائري بلقاسم بن ضيف الله مفهوم المجتمع المدني متسائلا عن ماهية  المجتمع المدني، وما ابرز الفلسفات الحديثة والمعاصرة التي بحثت في مفهوم المجتمع المدني وما هو موقعه في عصر العولمة وقال "ان  "المجتمع المدني  ظاهرة اجتماعية غربية بامتياز ارتبطت بظهور الدولة القومية الحديثة وبروز فلسفة العقد الاجتماعي على انقاض فلسفة الاقطاع التي سادت أوروبا خلال القرون الوسطى وساهمت في دحض مشروعية السلطة المطلقة التي كانت تستند عليها الكنيسة بدعوى الحق الالاهي في إدارة شؤون المجتمع الأوروبي خلال مرحلة الاقطاع لتفسح المجال لبروز مجتمعات حديثة قائمة على قاعدة الحقوق الفردية وسيادة القانون ومن ثم ظهر المجتمع المدني كوسيط تنظيمي و لمراقبة عمل السلطة ."

ومن جهته أشار الباحث الليبي حسين سالم مرجين  في مداخلة بعنوان "افاق سوسيولوجية على متن مؤسسات المجتمع المدني" الى انه بعد انهيار هياكل النظام السابق سنة 2011 بلغ عدد  مؤسسات وجمعيات المجتمع المدني 4000 مؤسسة  تنشط  في مجالات متنوعة ولاحظ ان هذه المؤسسات لعبت دورا كبيرا في اخماد العديد من النزاعات القبلية ولكن بعد انقسامات سنة 2014 اصبح مستوى التضامن في هذه المؤسسات ضعيفا جدا و أصبحت تحتاج الى خطط لمواجهة التحديات والى تبني رؤية جديدة لدورها.

ورأى الباحث المصري هاني خميس عبدة في مداخلة بعنوان "المجتمع المدني والعدالة الانتقالية في مراحل التحول الديمقراطي بين السياق والادوار رؤى نظرية وتجارب عملية" ضرورة النظر الى الدور التعاوني بين الدولة والمجتمع المدني اذ لا يستطيع المجتمع المدني ان يقوم بمفرده بالعمل على تطبيق العدالة الانتقالية دون وجود إرادة سياسية من جانب الدولة ومؤسساتها التي تدعم آليات العدالة الانتقالية داخل المجتمعات الإنسانية في مراحل التحول الديمقراطي.

 

منصف كريمي

آخر الأخبار

حكم برتغالي لإدارة الدربي: لويس ڤودينهو يستعد للمواجهة الكبرى

حكم برتغالي لإدارة الدربي: لويس ڤودينهو يستعد للمواجهة الكبرى

الدربي يشتعل: تشكيلة النادي الإفريقي وخطة ذكية لصد الترجي

الدربي يشتعل: تشكيلة النادي الإفريقي وخطة ذكية لصد الترجي

عجز ضخم يهز الجامعة التونسية لكرة القدم: أكثر من 8 ملايين دينار خسائر و50 مليون دينار اختفت خلال 4 أشهر

عجز ضخم يهز الجامعة التونسية لكرة القدم: أكثر من 8 ملايين دينار خسائر و50 مليون دينار اختفت خلال 4 أشهر

سليم السبيعي يُبدع: مسرحيات جريئة للأطفال تعالج العنف وتُخلّد صمود غزة

سليم السبيعي يُبدع: مسرحيات جريئة للأطفال تعالج العنف وتُخلّد صمود غزة

مستقبل الذكاء الاصطناعي ودوره في تطوير الجمعيات بين التحديات والفرص

مستقبل الذكاء الاصطناعي ودوره في تطوير الجمعيات بين التحديات والفرص

Please publish modules in offcanvas position.