خلافا لما يعتقده الكثيرون، النهضة حزينة لفوزها والتظاهر بالفرح يخفي هلعا كبيرا وخوفا أكبر على حظوظها فى قادم الاستحقاقات.
فى ظرف ست سنوات فقط خسرت النهضة 1,200.000 ناخب اي جزء هام جدا من قواعدها و هذه كارثة بكل المقاييس عندما يتعلق الامر بحزب عقائدي.
فوزها فى البلديات جاء بطعم المرارة لان ما توفر لها من امكانيات مادية و لوجستية كان اضعاف اضعاف ما توفر لخصومها و مع ذلك كانت الحصيلة مهينة.
فوزها جاء بطعم المرارة لانه حصل اما خصوم سياسيين فى اضعف حالاتهم تشتتا و تشرذما و تناحرا و ضعفا ومع ذلك عجزت عن تحقيق الفوز الكاسح الذى حلمت به.
فوزها بطعم المرارة لان الغنوشي تنازل عن كل قناعاته (موقتا) ليسحب ورقة النساء من تحت اقدام الباجي ولكن مقاطعة النساء للانتخابات افسدت حساباته واكدت ان نساء تونس امكر من مناورات الغنوشي.
فوزها بطعم المرارة لان الغنوشي لم يربح ولاء الشقروات مرتديات الدجين المثقوب وخسر في المقابل ولاء بناته المحجبات لانه رمى بهن في آخر الصفوف في الصور والاجتماعات لانهن لاينسجمن بحجابهن مع الصورة الجديدة التي اراد الشيخ تسويقها للنهضة.
فوزها بطعم المرارة لان غياب الشباب وان كان مألوفا فانه يصبح امرا صادما و مفجعا عندما يتعلق الامر بغياب شباب النهضة، فهو علامة على بداية تفكك وتآكل الحركة على مستوى القواعد وتعمق الشرخ بين القيادة وقواعدها، وكان تيار عبو و حراك المرزوقي بالمرصاد للمغازلة والاستقطاب.
يراهن الغنوشي على رجالاته في القوائم المستقلة ليكونوا عقابا وبديلا لمعارضيه داخل حركة ما انفكت مكانته داخلها تهتز وليكونوا سنده وعصاه في مغامرته الرئاسية، ولكن هيهات فقد القى بهم في بلديات مفلسة ومنهكة وهم اجهل ما يكون بادارة الشأن العام وسيرتكبون نفس الكوارث التي ارتكبتها الترويكا في حق الدولة.
نداء تونس خسر عشرات الآلاف من انصاره ولكن ما يهوّن من هذه الخسارة ان النداء ليس بالحزب العقائدي ومن يخرج اليوم يمكن ان يعود من الغد، وحصوله على المرتبة الثانية يبعده عن محرقة الأضواء ويمنحه فرصة التقاط الانفاس، عليه فقط ان يحسن استغلالها.
النهضة وضعت نفسها فى الواجهة و المواجهة مع المواطن في تفاصيل حياته اليومية و ستغرق في اوحال البلدية، وعندما تحل مواعيد 2019 ستكون النهضة في أتعس حالاتها هيكليا و شعبيا.. وستكون امام باقي الاحزاب فرصة العمر السياسي لتنبعث من رمادها الانتخابي.
فى كلمة: تونس بدأت بابتلاع النهضة وليس العكس.