فإذا كان المحصنون، أي المرتبطون بزواج دائم من النساء والرجال، يرجمون حتى الموت في حالة ثبوت الممارسة الجنسية خارج الزواج، لكن الرجل من حقه أن يتمتع برضا الله، بقول كلمة "متعت"، بما شاء وهو متزوج، وطبعا لا يحق للمرأة المتزوجة ذلك.
تتفق المذاهب السُّنية على أن زواج أو نكاح المتعة، أو الذي يُشار إليه بالمؤقت، كان محللا، ووردت فيه نصوص قرآنية، لكن النبي حرمه، وهنا يدخل أمر الناسخ والمنسوخ بين القرآن والسنة النبوية، فهناك مَن يقول ويؤكد (أبوحامد الغزالي) بأن السنة تنسخ القرآن، لأنهما من مصدر واحد، على أن النبي حسب الآية “وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى” (النجم: 3-4).
بينما يرى الشيعة الإمامية، على وجه الخصوص، أن زواج المتعة، والذي يُعرف بالزواج المؤقت حلالا، ولم يحرمه النبي، إنما منعه الخليفة عمر بن الخطاب، فالنصوص الواردة في القرآن حسب المذهب الإمامي لم تُنسخ بالسنة، وهي “فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ” (البقرة: 96)، وهذه كما يتضح أنها خاصة بالحج. والآية “لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَة وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعا بِالْمَعْرُوفِ” (البقرة: 236)، وعرفت بمتعة المطلقة. والآية “فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَة وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيما” (النساء: 24).
على أي حال، إن المتعة أُقرت في القرآن، ولكن الخلاف، كما تقدم على نسخها، أي تحريمها بعد تحليل، فالعرب قبل الإسلام كانوا يمارسونها، كنوع من أنواع الزواج، حيث تعددت أنواعه عندهم. وردت رواية لدى الطبري في “تاريخ الأُمم والملوك” أن الخليفة عمر بن الخطاب قد منعها، ضمن ما منع من حصة المؤلفة قلوبهم، والغنائم بعد السيطرة على العراق، ووقف حد السرقة في عام المجاعة والذي سمي بعام الرمادة (سنة 18هـ)، لهذا يعتبر الإمامية أن المتعة غير محرمة، ولممارستها أُصول، فهي تحدث بعقد بين الرجل والمرأة على وقت مسمى، لساعات وأيام وأكثر، وأن تكون المرأة خالية من الحمل، وإذا حدث الحمل فيلحق بالأب ويأخذ اسمه، ولا ينتهي هذا الزواج بطلاق، لأنه محدد الفترة، لذا سمي بالمؤقت، ولا تترتب عليه صلة بالإرث، أي ليس من حق المتمتع بها ولا ولدها أن يرث الأب، وله شرط الزواج الدائم من حيث تحريم لسبب النسب، ولا التمتع بأختين إلى غير ذلك من شروط الزواج، وعند الإمامية، على خلاف المذاهب السنية يعتبر الزواج من الكتابية، زواجا مؤقتا ليس فيه حقوق الزواج الدائم.
لكن مع وجوده غير أن الشيعة العرب على وجه الخصوص يأنفون منه، على الأقل في الفترة التي سبقت الثورة الإيرانية، وإشاعة التدين بشكل لافت للنظر، ففتحت مكاتب خاصة لذلك، وكثيرا ما صار يُمارس خارج التحديد الفقهي له، واتخذه المتدينون كمبرر للممارسة الجنسية خارج منظومة الزواج الدائم.
فإذا كان المحصنون، أي المرتبطون بزواج دائم من النساء والرجال، يرجمون حتى الموت في حالة ثبوت الممارسة الجنسية خارج الزواج، لكن الرجل من حقه أن يتمتع برضا الله، بقول كلمة “متعت”، بما شاء وهو متزوج، وطبعا لا يحق للمرأة المتزوجة ذلك.
وظهرت أشكال لتبرير الممارسة الجنسية، كحل لعدم التمكن من الزواج، أو عدم الرغبة في الارتباط بالزواج الدائم والتزامات العائلة، وكثرة الطلاق والعدد الكبير من الأرامل والمطلقات والمطلقين، مثل الذي عُرف بزواج المسيار، الذي أباحه بعض فقهاء السُّنة، والزواج الذي عُرف بالصداقة (الكيرفريند)، وتحصل مثل هذه الأنواع من الزواج باتفاق بين الرجل والمرأة، ولكن لا تختلف هذه الزيجات عما يمارس في الغرب من الصداقة والممارسة الجنسية، والاختلاف فقط أن الممارسة عند المسلمين تتم بموافقة الله، بكلمة “أنكحت نفسي” والجواب “قبلت”. فما يحدث في الغرب أن يحصل وجود أولاد من تلك العلاقة ويتم الالتزام بهم من قبل الطرفين، وكثيرا ما تتوج تلك العلاقة بالزواج. فما يحصل هو نوع من تبرير الممارسة الجنسية، فالرجل من حقه الممارسة بعدد غير محدد ويتم ذلك برضا الله! بينما كثيرا ما يُقتل النساء، في العديد من البلدان، بتبرير قانوني، يُسمى بـ”غسل العار”.
زيد بن رفاعة
باحث عربي