الصفحة 3 من 4
ضرورة التجديد
بالرغم من الدور البارز الذي اضطلعت به بعد الثورة في مواجهة الفكر المتطرف، إلا أن الزوايا والمقامات الدينية باتت في حاجة ماسة للتجديد وفقا لصوفيين تونسيين يرون أن هذه الهيئات باتت تواجه شبح الاندثار.
ويعتبر هؤلاء أن أزمة كوفيد – 19 وغيرها من الاستحقاقات سلطت الضوء على القصور الذي باتت تعانيه الطرق الصوفية التي اقتصرت أنشطتها على التبرك أو الاحتفالات التي تتزامن مع بعض المناسبات الدينية الهامة على غرار المولد النبوي الشريف، بينما أصبح غيابها عن مثل هذه الاستحقاقات التي تهم المواطنين ملموسا.
ويرى الباحث في الفكر الإسلامي بدري المداني أنه “بعد الثورة واجهت الزوايا والمقامات الدينية المد المتطرف سواء السلفي أو غيره وكانت ضحية في بعض الأحيان بعد حرق العديد من هذه الزوايا (على يد متشددين) في محاولة لتخويف أهل الطرق لأنه في جميع الحالات يرون أنهم أناس يعيشون حياة الزهد لكن هناك العديد من القائمين على هذه الزوايا تصدوا إلى هذا الفكر”.
وأوضح المداني أن “كورونا كان بمثابة رصاصة الرحمة للزوايا لأنها في الأساس تقوم على الاجتماع بين الناس، هناك بعض الزوايا التي تحركت ونجحت في إحياء بعض المناسبات مثل المولد النبوي الشريف، لكن في جميع الحالات تراجعت الزوايا وكما فشل الإسلام السياسي في تونس فشلت الزوايا أيضا باعتبار أنها تحولت إلى ما يشبه الأجساد المحنطة”.
وأضاف أن “نسبة كبيرة من مشائخ الزوايا ليست لهم أي أهلية علمية، فاقد الشيء لا يعطيه، نحن بحاجة إلى ثورة داخل هذه الزوايا لكي تضطلع بدور أكبر، مثلا في الأزمة الصحية لم نسمع بأي مساهمة تقريبا من الزوايا في المجهود الوطني بينما دفع ذلك جمعيات مشبوهة إلى التقدم بمساعدات وغيرها، هناك أيضا جمعيات لا تستحق أن تكون موجودة لكنها موجودة بنشاطها مثل اتحاد علماء المسلمين، الزوايا أمام خيارين: إما التجدد أو الاندثار”.
وعانت تونس من أزمة صحية حادة حصدت أرواح ما لا يقل عن 20 ألف شخص، وكانت حملة التطعيم تسير ببطئ قبل أن يدفع الرئيس قيس سعيد بإجراءات الخامس والعشرين من يوليو الاستثنائية التي شملت تجميد أعمال واختصاصات البرلمان وإقالة الحكومة برئاسة هشام المشيشي. وأجرت تونس بعد ذلك حملات تطعيم مفتوحة بغية التسريع في الحملة.
وعلى صعيد آخر، تتصاعد المطالبات بإغلاق فرعين لاتحاد علماء المسلمين الأول في العاصمة تونس والثاني في محافظة صفاقس جنوب البلاد، وهي فروع تقدم مضامين في الشريعة الإسلامية تُحذر منها العديد من الأطراف على غرار المرصد الوطني للدفاع عن مدنية الدولة أو الحزب الدستوري الحر.
وقال المداني “كان على الزوايا أن تضطلع بمثل هذه الأمور، أن تساهم في المجهود الوطني لمكافحة فايروس كورونا الذي شكل امتحانا للبشرية جمعاء، وكان عليها أن تستمر في نشر فكر إسلامي معتدل عوض التراجع أمام مثل هذه الجمعيات”.