منذ ستينيات القرن الماضي وحتى اليوم، مرّ الإرهاب في أفريقيا بسلسلة مراحل، بداية من الاستعمار وحتى المرحلة الأخطر التي اتخذ فيها العمل الإرهابي الطابع المنظم حالياً، من خلال تنظيمات عابرة للحدود، مروراً بمرحلة السبعينيات الخطيرة مع بروز التنظيمات التكفيرية، وحتى انتباه العالم لحجم وخطورة الإرهاب في القارة، ومن ثم تبني رؤى استراتيجية لمواجهته، لا سيما بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 التي شكّلت مرحلة فاصلة في التعاطي الإقليمي والدولي مع قضايا الإرهاب في القارة السمراء.
في مرحلة الستينيات، وبحسب تقرير سابق لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف، كانت العوامل الرئيسية المُحرّكة للعنف، هي مشكلات الحدود وفشل وعود التنمية والاستقرار بعد الاستقلال، وكذا الفساد وسوء الإدارة والتهميش والاستيلاء على السلطة، وحتى الاختلافات الأيديولوجية بين النُّظم والجماعات، وصولاً إلى النزعات الانفصالية.
فيما اتسمت المرحلة الثانية، خلال السبعينيات، بارتباطها بقضايا غير أفريقية. أما المرحلة الثالثة وهي الأخطر، بحسب المرصد، فقد اتخذ العنف فيها «الطابع المؤسسي الممتد داخلياً والمحكوم خارجياً»، من خلال هيمنة تنظيمي القاعدة وداعش على عمليات العنف والإرهاب في أفريقيا.
وفي طور تطور الإرهاب في القارة، شكّلت هزيمة «داعش» في سوريا والعراق، هزّات عنيفة للتنظيمات المتطرفة، والتي وجدت في القارة السمراء بيئة خصبة ومناسبة للتمدد وبناء قواعدها من جديد، واستقطاب عناصر جديدة؛ استغلالاً للمشكلات التي يغرق فيها عديد من دول القارة، لا سيما مشكلات عدم الاستقرار السياسي في بعض تلك الدول.
ومن ثمّ تصاعدت وتيرة العمليات الإرهابية بشكل لافت، حتى أن العام 2020، وبالرغم من جائحة كورونا العالمية، شهد في الستة أشهر الأولى منه 1168 هجوماً إرهابياً، بزيادة بنحو 18 % في عدد العمليات مقارنة بالفترة نفسها من العام 2019، وفق معهد الدراسات الأمنية بجنوب أفريقيا، ما يعكس حالة التطور وتصاعد الهجمات استغلالاً للثغرات الأمنية الموجودة.