في السنوات الأخيرة، التي سبقت جائحة «كورونا»، شهد العالم زخماً لافتاً في محاربة الفقر، واعتمدت دول عديدة مقتدرة وفاعلة، كما المنظمات الأممية ذات الصلة، سياسات مستندة إلى رؤية مستشرفة لنمو مطرد، يشمل مجالات التوظيف والرعاية الاجتماعية، وتقليل انعدام المساواة، في سبيل القضاء على الفقر بجميع أشكاله.
وحقق العالم نتائج جيّدة في مسيرة تحقيق هذه الأهداف، إذ انخفض عدد الفقراء بأكثر من مليار شخص، بحسب تقارير الأمم المتحدة، إلا أن تفشي فيروس «كورونا» وتحوّلهُ إلى جائحة، ترك تداعيات وأعباء إنسانية واقتصادية، تتطلب وقفة جادة وسياسات محكمة للعودة- على الأقل- إلى الأوضاع التي كانت سائدة قبل الجائحة.
«أنا متزوج، ولديّ أسرة مكونة من 10 أفراد، جلّهم من الأطفال، كان لديّ محل تجاري لبيع الأجهزة الكهربائية والهواتف النقالة، وقبل حوالي 5 سنوات ، بدأ الوضع الاقتصادي يزداد تدهوراً وأغلقت المحل لعدم قدرتي على دفع الإيجار نتيجة تراكم الديون وعدم استطاعتي تحصيل ثمن البضائع المباعة للزبائن الذين كانوا يأخذونها بنظام التقسيط».
هكذا وصف شاب فلسطيني (39 عاماً)، من مدينة غزة، الظروف التي تمر فيها عشرات آلاف الأسر في القطاع، في ظل الحصار، ثم جاءت جائحة كورونا لترفع منسوب المعاناة.
يقول (م.م): خلال الفترة الأخيرة عملت في عدد من المهن. بالكاد كنت أستطيع تلبية احتياجات أسرتي وتوفير الحد الأدنى لبقائها على قيد الحياة، ومنذ تفشي جائحة كورونا.. وأنا جالس في المنزل لا أعمل وغير قادر على تلبية الاحتياجات الأساسية لأسرتي، وأقولها بكل صراحة، لم نأكل في المنزل طيلة أسابيع ثلاثة سوى الجبن الأبيض الرخيص.. ومع ذلك كنت أستدين ثمنه هو والطحين من أجل إعداد الخبز.