منذ القرن التاسع عشر، لم يعد في الإمكان ذكر القمح والأرز إلا مع ذكر البطاطا. فالخبز أساس الطعام ونواته، وتأتي البطاطا من بعده كغذاء أساسي على المائدة في العالم كله تقريباً، منذ اكتشافها في الأرض الجديدة في قارة أمريكا، ومن ثم انتشارها في الكرة الأرضية. فالبطاطا سدّت رمق الفقراء والجائعين ووصلت إلى طاولات الأثرياء، وأخّرت ثورة "البروليتاريا" في العالم لقرون مقبلة، بحسب عالم الاقتصاد الألماني كارل ماركس، لأنها كانت مخرجاً للجوع الذي كان يصيب عمال الثورة الصناعية وأسرهم في أواخر القرن الثامن عشر، الذين عملوا في ظروف صعبة لساعات طويلة من اليوم، وبعدما أفسدت الأوبئة محاصيل كثيرة في أوروبا خلال القرن نفسه.
على سبيل المثال، وصلت البطاطا إلى إيرلندا في نهاية القرن السادس عشر، وكانت التربة والمناخ الإيرلنديان ملائمين. ومع توالي المجاعات التي كان سببها ضعف محصول الشوفان، تحول الطعام الإيرلندي من اعتماده الكلي على خبز الشوفان إلى الاعتماد على البطاطا، التي تحولت إلى قوت يومي للإيرلنديين. فتضاعف عددهم من أربعة ملايين إلى ثمانية في غضون ستين عاماً فقط وفق الاندبندنت.