تعتبر الساحة الفنية ميدانًا يتخطى المنافسة الفنية إلى المواقف السياسية التي تعبر عن رأي كل طرف.
يتنافس صناع الدراما العربية فيما بينهم في رمضان من كل عام، سعيًا منهم لجذب أكبر نسبة من الجمهور العربي لأعمالهم.
وتعتبر الساحة الفنية ميدانًا يتخطى المنافسة الفنية إلى المواقف السياسية التي تعبر عن رأي كل طرف، كما تعكس الدراما الظروف التي تعيشها المنطقة من صراعات وتباين في وجهات النظر السياسية.
العباءة العثمانية.. وجهان للتاريخ
تنقل قطر علاقتها السياسية الوطيدة مع تركيا إلى الفن، حيث تتشاركان إنتاج مسلسل يروي سيرة الإمام أحمد بن حنبل.
ولا عجب أن يختار النظام الإسلامي الحاكم في تركيا والذي تدعمه قطر، توجهًا إسلاميًا في الدراما، ومحاولة إبراز وجه “الجماعة”، الذي مثله بقوة الإمام ابن حنبل في زمنه، وهو تحد ليس بسهل، إذ أنّ سيرة الإمام ابن حنبل تحديدا، كانت في فترة من أكثر الفترات الحساسة في تاريخ العرب والمسلمين، انعكست آثارها بشدة على العقيدة الإسلامية، وزرعت الأصولية في شتى بقاع المنطقة.
ويعكس اختيار إمام الحنبلية دونًا عن أئمة المذاهب الأخرى، وجهة نظر دينية وسياسية قوية، رغم محاولة إنكار صناع العمل أي غرض سياسي من العمل، ففي تصريحات سابقة لإرم نيوز في مقالة “ما الذي تريده الدراما من ابن حنبل؟”. أكدت الشركة المنتجة أنها تنتهج الحيادية في العمل، وتسعى لإعادة كتابة سيرة الإمام بعيدًا عن التشويه.
وقد يبدو العمل حياديًا في ظاهره، لكن اختيار الإمام ابن حنبل بالذات، والذي ربما يعكس وجهة نظر سياسية خالصة، ليس اعتباطًا بالتأكيد.
ويعترف منتج العمل، محمد العنيزي أن اختيار تركيا ليس عشوائيا، ويقول إن هذا العمل هو الخطوة الأولى لدخول السوق التركية، لإبراز خلفاء عظماء من الدولة العثمانية، مضيفا أن هناك شخصيات تركية تمثل قدوة يفتخر بهم العالم.
ويسعى العمل لإظهار وجه عظمة السلطنة العثمانية، التي لها وجه آخر، تسعى الدراما هذا العام أيضا لإبرازه أيضا.
وفي مصر تم إنتاج عمل مشترك مع ممولين سعوديين، يتناول صراع السلطان سليم الأول مع الشاه إسماعيل الصفوي، مظهرًا الجانب الآخر الذي يعكس الآثار السلبية للسلطنة العثمانية على تاريخ العرب الإسلامي وحضارتهم، وكيف أثر الصراع الداخلي فيها على المنطقة العربية، التي ما تزال تعاني من آثاره إلى اليوم.
وربما يقول كثيرون إن هذا العمل يترجم العلاقة السياسية المتوترة حاليا بين تركيا ومصر.
ويظل التاريخ الإسلامي، ميدان صراع قديم جديد، يطل بين الحين والآخر في رمضان من خلال الدراما والفن، ليعيد كتابة المواقف السياسية الحاضرة من خلال شخوص الماضي، وتقديمها مع ما يناسب كل طرف فيما يريد قوله.
يذكر أن الفنان السوري مهيار خضور، سيجسد شخصية الإمام أحمد بن حنبل، فيما سيشارك في مسلسل “السلطان والشاه” كوكبة من النجوم على رأسهم النجم السوري سامر المصري.