في الشمال الغربي يعد الأهالي "المشكّلة" نوعية راقية من الحلويات التقليدية.
يعتبر عيد الفطر من أجمل وأسعد المناسبات التي يحييها التونسيون، كما في البلدان الإسلامية الأخرى، حيث تكون الاستعدادات حثيثة، لإعداد الحلويات والمرطبات وبعض المأكولات، وخاصة تلك التي توارثوها جيلا بعد جيل ترسيخا للتقاليد والعادات الغذائية، كما تزدهر مهن بشكل كبير لتعم الفرحة والبهجة على الجميع.
وتبدأ فرحة عيد الفطر بتونس، قبل أيام من موعد مجيئه، حيث تمتد فيه الأيادي بالدعاء ويقوم الناس بصلوات التهجد حتى انبلاج الفجر، كما يكثر الناس فيها من الأعطية والصدقات وفعل الخير فضلا عن التبرك بها وإقامة أفراح الختان وكتابة عقود القران.
وينطلق يوم العيد فجرا بـ”بوطبيلة” الذي يجوب الشوارع والأحياء التي ألفها وألفته وهو يقرع طبل الإعلان حلول عيد الفطر المبارك ويهني الناس بمقدمة بمقابل مادي، عادة ما يكون زهيدا، وغير محدد بقدر ما يكون هبة من المواطنين، وكل بحسب إمكاناته.
”الشرمولة” عادة غذائية من أصل يوناني تغزو البيوت التونسية
وما يشد في تقاليد وعادات التونسيين الغذائية يوم العيد، هو الاختلاف من جهة من أخرى حول ما يتم طبخه من الأكلات على غرار “الشرمولة” التي تشتهر بها خاصة مدينة صفاقس، جربة وجرجيس جنوب شرق البلاد والعاصمة تونس.
و”الشرمولة” هي أكلة شعبية، اشتهرت بها مدينة صفاقس، لها أسطورة تقول أن أصل هذه الأكلة يوناني، وقد تحولت إلى تركيا و من هناك وصلت إلى شمال إفريقيا و تحديدا إلى ”صفاقس”، حيث أن مكتشفها وهو بحار يوناني تحطمت مركبته إثر عاصفة بحرية وغرق من معه من رجاله ونجا بنفسه وبقي تائها تقذفه الأمواج هنا وهناك لمدة شهرين، وكان سيموت من شدة العطش والجوع، فأخذ يبحث في مركبه عله يجد شيئا يسد رمقه ، فعثر على كيس به عنب و بصل فوضعه تحت أشعة الشمس ليجف ذلك العنب و يصبح زبيبا ثم قام بطبخه في قدر به ماء و أكله، وكان هذا البحار اليوناني يدعى “شارل مولا” ولذلك سميت الأكلة بهذا الاسم مع التحريف في تركيبة الأحرف.
تنوع غذائي في جهات مختلفة من البلاد
كما أن لجهات أخرى تقاليدها على غرار جهة الجريد، جنوب غرب البلاد التي عادة ما يطبخ أهاليها يوم عيد الفطر “الفول” وتوزيعه على الضيوف، الذي من فوائده بحسب تأكيداتهم تقوية المعدة وتهيئتها لما بعد الصوم، في حين أن جهات ساحلية مثل المنستير وسوسة، تتميز بطبخ الأسماك وتبادل الأطباق بين الجيران والأقارب والتنافس في إعداد أشهاها.
أما جهات الشمال الغربي، فإن الأهالي يعدون “المشكّلة”، وهي نوعية راقية من الحلويات التقليدية، وهي عبارة عن بسكويت ممزوج بالفواكه وشبيه بـ “البوتي فور”، وكذلك ”البرزقان” وهي طبخة تجمع بين لحم الضأن والفواكه الجافة والحليب، ومرتبطة بالجذور الاحتفالية بالزراعة وبخيرات الطبيعة.
في حين أن جهة “بن قردان”، جنوب شرق البلاد والقريبة من الحدود الليبية، فهي تنفرد بإعداد “العصيدة” وهي من الدقيق، وتكون ب”المعقود” وهي مرق بالقرع الأحمر واللحم، حيث تجتمع العائلة الموسعة في منزل الأب أو الأخ الأكبر لتناوله مع أكلات أخرى أبرزها ”الكسكسي” الأكلة التونسية التقليدية المعروفة.
يشار إلى أن تونس كما في البلدان الإسلامية الأخرى، تعرف قبل أيام من حلول العيد ، بحركة تجارية نشطة، حيث تنتشر في الأسواق تجارة بيع الحلويات، فضلا عن متاجر الملابس والأحذية الجديدة التي تنتعش في مواسم الأعياد.