تونس، 26 أكتوبر 2024 – في مثل هذا اليوم من عام 1912، أقدمت سلطات الاحتلال الفرنسي على إعدام المنوبي الخضراوي، المعروف بلقب "الجرجار"، في ساحة باب سعدون، إلى جانب رفيقه الشاذلي بن عمر القطاري. هذا الإعدام كان نتيجة لمشاركته الفاعلة في الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في 7 نوفمبر 1911، المعروفة بأحداث الجلاز.
مقالات ذات صلة:
نجيب حشانة يصف تصريحات جوزيب بوريل حول تونس بالنزعة الاستعمارية القديمة
مسرحية "تراب الجنون" تأخذ جمهور أيام قرطاج المسرحية في رحلة إلى ما قبل الاستعمار
اتفاقية الجزائر الفرنسية: استعادة الممتلكات وتسليط الضوء على جرائم الاستعمار في قرن التاسع عشر
في تلك الفترة، حاولت سلطات الاحتلال تحويل الصبغة العقارية للمقبرة من "وقف" يرمز إلى الهوية التونسية إلى ملكية خاصة، مما أثار حفيظة الشعب التونسي. لقد كانت الأحداث الدامية التي وقعت يوم 7 نوفمبر تجسيدًا واضحًا للتلاحم الشعبي ضد المستعمر، حيث واجه آلاف المتظاهرين جنود الاحتلال المدججين بالسلاح. تشير التقارير إلى أن عدد المعتقلين بعد المظاهرة بلغ 827 شخصًا، في حين سقط العديد من الشهداء بسبب استخدام الجندرمة والجيش الفرنسي للرصاص الحي.
تلى تلك المظاهرة إجراءات تعسفية عدة، بما في ذلك إعلان حالة الحصار وإيقاف الصحف العربية، إضافة إلى نفي عدد من الزعماء الوطنيين. كما نظمت محاكمات للمشاركين في المظاهرة، حيث مثل الموقوفون أمام المحكمة الجنائية الفرنسية بين 3 و30 جوان 1912. أسفرت هذه المحاكمات عن إصدار أحكام تتراوح بين الأشغال الشاقة والإعدام لسبعة أشخاص، من بينهم الجرجار والشاذلي.
وعندما حلّ يوم 26 أكتوبر 1912، تم تنفيذ حكم الإعدام بالجرجار بمقصلة تم جلبها من الجزائر. هذه اللحظة كانت مؤلمة في ذاكرة الشعب التونسي، وتبقى كلمات والدته، التي كانت تجوب الشوارع بحثًا عن خبر ابنها، تجسد الألم والفخر:
"بره وإيجا ما تردّ أخبار
على الجرجار
يا عالم الأسرار، صبري لله
عيِيت نمثل في وشامك
حطّو الرميه فيك
بين الكرومه والعنقر
بعينينا احنا شفنا
وأحنا صحنا
اللي غدرنا فيك ولد الحمدي
واللي جرحنا فيك يجرح قلبه
يامة ضربوني
يا حليلي يا آمه
والضربة جات على القصبة
خلوني نبكي بالغصة
لا إله إلا الله
يا عالم الأسرار
صبري لله..."
تظل هذه الذكرى حيّة في قلوب التونسيين، تذكيرًا ببطولة أولئك الذين واجهوا الاستعمار بكل شجاعة وعزيمة، ونموذجًا للإصرار على الدفاع عن الهوية والكرامة الوطنية.: