تدافع الأحزاب والشخصيات العلمانية للتموقع بقوة داخل الحكومة الجديدة يمهد لقطع الطريق أمام سطوة النهضة المتحالفة مع النداء.
تظهر قراءات في تركيبة حكومة يوسف الشاهد أن علمانيي تونس بما فيهم المصنفين "راديكاليين" توصلوا لأول مرة على ما يبدو إلى محاصرة جهود راشد الغنوشي الذي كثيرا ما استمات في الضغط من أجل تموقع سياسي قوي للنهضة، ونجحوا في تكوين حزام سياسي حكومي معاد للحركة الإسلامية التي وجدت نفسها محشورة في زاوية ضيقة ضمن تركيبة جاهرت بتحفظات عليها رغم تعهدها بدعمها.
وخلافا لما يذهب إليه البعض بأن النهضة تعد المستفيد الأول من تركيبة الائتلاف الحزبي الذي ضم ممثلين عن سبعة أحزاب سياسية إضافة إلى شخصيات نقابية وكفاءات وطنية علمانية لم تتوصل الضغوط التي مارسها الغنوشي إلا إلى إجهاض أضغاث أحلامه إذ لم يتمكن من انتزاع مشاركة في التركيبة مماثلة لوزن النهضة الانتخابي كما كان يطالب.
وتؤكد تصريحات قيادات النهضة أن ما تظهره من دعم لحكومة الشاهد يستبطن نوعا من التحفظ إن لم نقل استياء ممزوجا بالمرارة بعد أن وجدت نفسها تختنق سياسيا وسط حزام من الخصوم الراديكاليين الذين لم ولن يتجاوزوا أخطائها ولا حتى توجهاتها بعد فصل نشاطها الدعوي عن نشاطها السياسي.
وقد عبر عبد الكريم الهاروني على شعور النهضة بالاختناق حين شدد على ضرورة أن "تعامل النهضة باعتبارها القوة السياسية الثانية في البلاد"، وعلى أنه من مصلحة تونس أن تكون للنهضة تمثيلية قوية تناسب أوزانها الانتخابية رغم وعيه بأن قواعد الحركة الانتخابية لا تتجاوز نسبة 20 بالمئة من الناخبين التونسيين.
كما تواصل قيادات النهضة محاولاتها إقناع التونسيين بأنها حزبا كبيرا يحظى بالتأييد السياسي والشعبي وتروج إلى كونها القوة السياسية الأولى في البلاد والتي تحتاج إلى تمثيلية أكبر مما هي عليه داخل الحكومة.