قال الكاتب ريتشارد كوهين بصحيفة واشنطن بوست إن حلب هي رمزٌ للضعف الأميركي، وإن سياسة الرئيس الأميركي باراك أوباما تسبَّبت في كلِّ المآسي بسوريا وأزمة اللاجئين وصعود اليمين المتطرف بأوروبا وانفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي واحتمال تفكُّك هذا الاتحاد، لكن الأفظع من كلِّ هذا هو تسبُّبها في تشويه صورة أميركا التي كانت تُعرف بأنها لا تسمح مطلقاً بذبح الأبرياء بهذا الحجم.
وأضاف كوهين أن حلب هي غورنيكا العصر الراهن حيث يتعلَّم العالم الدرس الذي يبدو أنه نسيه. وغورنيكا هذه بلدة بمنطقة الباسك في إسبانيا قصف النازيون والفاشيون سوقها في 1939 في أول حادثةٍ يُستهدف فيها المدنيون العزَّل.
وخلَّد الرسام الإسباني الشهير بابلو بيكاسو غرونيكا بلوحته الشهيرة "ولو كان حيَّاً اليوم لخلَّد حلب بجداريةٍ ضخمة يسميها حلب لتُعلِّق على البيت الأبيض لأن حلب لا تُقارن ببلدة غورنيكا، فهي أكبر مدن سوريا ومركزٌ تجاري قديم منذ آلاف السنين ومحطةٌ عالمية للقوافل التجارية في العصور القديمة، وتتعرض حالياً للتسوية بالأرض بعد قصفها بالأسلحة الكيميائية وبالقنابل الخارقة للحصون والملاجئ وإبادة جزءٍ من سكانها".
وقالت واشنطن بوست في افتتاحيةٍ لها إنه في الوقت الذي تحترق فيه حلب لا تملك واشنطن إلا التلعثم والتردُّد حتى في إعلان ردِّ فعلها الضعيف. وبعد أن وصفت الصحيفة أهوال الحرب، قالت إن إدارة أوباما أوضحت موقفها أمس الاثنين بإدانةٍ قوية للهجوم على حلب، لكنها لم تفعل شيئاً لوقفه، بل بالعكس لا يزال وزير خارجيتها جون كيري مصرَّاً على العودة إلى موسكو بعروضٍ دبلوماسيةٍ جديدة على أمل وقف القصف على حلب.
وأضافت أن موسكو ودمشق لا تشعران بأيِّ ضغطٍ عليهما لوقف هجومهما على حلب لأنهما حصلتا من قبل ومن خلال كيري على موافقةٍ أميركية على مبدأ بقاء نظام الرئيس السوري بشار الأسد وتنفيذ روسيا وأميركا هجماتٍ مشتركة ضد المعارضين الذين يعتبرهم الطرفان "إرهابيين".
وأشارت إلى أنه إذا نجح الهجوم على حلب في استعادة سيطرة النظام عليها، ستكون دمشق قد كسبت الحرب الأهلية ولن تكون لديها حاجةٌ حقيقية للمفاوضات، التي يقول كيري إنها يجب أن تؤدي إلى وقف إطلاق النار، وإذا تعثَّر الهجوم فسيرسل بوتين وزير خارجيته لتجديد الاتفاق مع كيري، وفي الحالتين تكون روسيا هي الطرف الرابح.
وقالت "أما سكان حلب الشرقية، فقد عُرض عليهم، مثلما عُرض من قبل على سكان مدن وبلدات أخرى بسوريا، الاستسلام أو الموت جوعاً. ومن يحاول منهم الاقتراب من ممرات الإخلاء التي قالت موسكو إنها قد أُنشئت، سيُقتل بمجرد اقترابه. إنهم ضحايا البربرية ولن يساعدهم كلام الدبلوماسية الأميركي ولا استرحام واشنطن بوتين".
ونشرت غارديان البريطانية تقريراً عن حلب بعنوان "إنه الجحيم بعينه"، قالت فيه إن حلب تترنَّح من وطأة القنابل الخارقة للحصون والملاجئ التي تُسمَّى بالعربية "القنابل الارتجاجية" والمصنَّعة خصيصاً لضرب التحصينات العسكرية.
وأوردت الصحيفة عن سكان الجزء الشرقي من المدينة أنهم يشعرون بالرعب من هذه القنابل، وقالوا إنهم لم يسمعوا صوتاً مثل صوتها من قبل، ولا شاهدوا دماراً بالحجم الذي ينتج عنها، وإنها تقذف بالحجارة مئات الأمتار، وقالوا إنهم لا يستغربون استخدام "الروس المجرمين هذه القنابل، لكنهم يستغربون أن المجتمع الدولي سمح لهم باستخدامها".
وقالت وول ستريت جورنال إن النظام السوري وحلفاءه إستمروا أمس في هجومهم على حلب رغم الإدانات الدولية وموت المئات، وإن وزير الخارجية السوري وليد المعلم أعلن في الأمم المتحدة أمس أن اتفاق وقف إطلاق النار بين روسيا وأميركا "لم يمت بعد"، بعد أن أعلنت حكومته قبل أسبوع واحد أن أجل الهُدنة انتهى.