في مثل هذا اليوم 13 أوت من سنة 2022، ودّعت الساحة الإعلامية والمشهد التلفزي التونسي المخرج التلفزي عبد الجبار البحوري، الذي وافته المنية عن عمر يناهز 76 عامًا. وُلد البحوري في 26 أكتوبر 1946، وكان من أبرز الأسماء التي تركت بصمة في تاريخ التلفزة التونسية. تخرج من معهد السينما بالعاصمة التشيكية براغ، حيث حصل على دبلوم في الإخراج، ليعود إلى تونس حاملًا معه رؤية فنية متميزة واحترافية قلّ نظيرها.
عبد الجبار البحوري لم يكن مجرد مخرج عادي، بل كان فنانًا حقيقيًا، عاشقًا للتفاصيل، دقيقًا في عمله، يسعى دائمًا إلى الإبداع والتميّز. هذا الإصرار على الجودة ظهر جليًا في أعماله التلفزية التي تراوحت بين المنوعات والمسلسلات والتحقيقات الوثائقية. فقد أخرج منوعات رافقت الشاشة التونسية على غرار "لو سمحتم"، و"الدنيا تغني"، و"سهرية على الفضائية"، حيث تعاون مع الراحل نجيب الخطاب، مقدمًا للمشاهدين تجارب تلفزية رفيعة المستوى.
إلى جانب ذلك، كان البحوري مخرجًا لعدد من المسلسلات التي حُفرت في ذاكرة التونسيين، مثل مسلسل "بلا عنوان" سنة 1987، و"حار وحلو" سنة 1997، و"باب الخوخة"، و"جاري يا حمودة" سنة 2004، ومسلسل "ما بيناتنا" سنة 2007. هذه الأعمال لم تكن مجرد مسلسلات تلفزية بل كانت انعكاسًا لرؤية فنية ناضجة تعكس براعة مخرج يفهم جيدًا نبض الجمهور وذوقه.
ولكن عبد الجبار البحوري لم يكن فقط رجلًا للإخراج. ففي صباه، مارس كرة القدم مع فريق الأولمبي للنقل وكان يلعب كوسط ميدان. يُقال عنه من عايشوه في تلك الفترة إنه كان "فلتة كروية" وجوهرة ذهبية، فنانًا على الميدان كما كان فنانًا خلف الكاميرا. ورغم نجاحه في عالم كرة القدم، اختار البحوري طريق الإبداع في الإخراج التلفزي، مسارًا انتهجه حتى آخر أيام حياته.
اليوم، وبعد مرور سنوات على رحيله، تبقى أعمال عبد الجبار البحوري شاهدة على عبقريته الفنية، وتظل ذكراه حية في قلوب من عملوا معه ومن استمتعوا بأعماله. رجل اجتمع فيه الإبداع مع الرياضة، والأناقة مع الطيبة، ليقدم لنا إرثًا تلفزيًا سيظل خالدًا في الذاكرة الوطنية.