في أجواء مليئة بأصوات النوارس وأمواج البحر، انطلق عرض مسرحية "الألباتروس" للمخرج الشاذلي العرفاوي على ركح مسرح الحمامات ضمن فعاليات الدورة الثامنة والخمسين لمهرجان الحمامات الدولي. هذا العمل المسرحي، من إنتاج مسرح أوبرا - تونس، جمع بين فاطمة بن سعيدان وعبد القادر بن سعيد وعلي بن سعيد ومريم بن حميدة وملاك الزوايدي على خشبة المسرح.
"الألباتروس" يستمد تفاصيله من أحلام الشباب الذين يسعون إلى حياة أفضل على الضفة الأخرى من المتوسط، ومن تجاربهم في الهجرة غير النظامية. المسرحية تُقدّم معالجة فنية لظاهرة "الحرقة"، مستوحية عنوانها من النوارس التي تشهد غرق المراكب المحملة بأحلام المهاجرين.
من خلال خمسة أشخاص وزورق محطم، يرسم المخرج الشاذلي العرفاوي لوحة تصور معاناة الباحثين عن الأمل في مواجهة الأمواج العاتية. الشخصيات تتنوع بين شاعر وصحفية وأم وأخ وامرأة سمراء، وكل منها يساهم في بناء فسيفساء تعبر عن معاناة الإنسان والفنان في ظل واقع سوداوي وأفق ضيق.
الشخصيتان الرئيسيتان، الصحفية "نجيبة" والأم "زعرة"، تلتفتان إلى نقيبة الصحفيين الراحلة نجيبة الحمروني وزعرة السلطاني التي فقدت ابنيها على يد الإرهابيين. المسرحية تتناول مواضيع متشابكة مع الهجرة غير النظامية، بما في ذلك الإرهاب ومعاناة العاملات الفلاحيات والمعالجة السياسية والإعلامية لقضية الهجرة.
العرض يدمج بين السينوغرافيا وأصوات الأمواج الحقيقية، مما يعزز الصدق والواقعية في الأداء. المسرحية تستند إلى طرح سوسيولوجي ونفسي لظاهرة "الحرقة"، وتقدم رؤية توعوية حول هذه القضية.
مسرحية "الألباتروس" تقدم رؤية جديدة للهجرة غير النظامية، مستفيدة من فنون الرسم والغناء والكوريغرافيا والسينما لخلق عمل مسرحي فريد. الشخصيات تتكلم وترقص وتغني، مسردة تفاصيل مغامرتها إلى الضفة الأخرى في بحث عن المفقود.
هذا العرض الذي جاء ضمن مشروع "أكاديميا" التونسي الإيطالي، يدعو الجمهور إلى التفكير في الأسباب العميقة للهجرة غير النظامية وتداعياتها، مشدداً على إنسانية الإنسان في وجه الظلم.
بعد هذا العرض المؤثر، سيستمتع جمهور مهرجان الحمامات الدولي بحفل للفنان التونسي مرتضى الفتيتي في سهرة الأحد 28 جويلية 2024.