في ظل الاجتماع الذي جمع رئيس الجمهورية قيس سعيّد بوزير الشؤون الاجتماعية ووزير التشغيل والتكوين المهني، تم التأكيد على أهمية وضع حدّ للمناولة والعقود المحدودة في مجال العمل في تونس، وقد أكد الرئيس سعيّد أن هذه الظاهرتين تعد نوعا من أنواع الاتجار بالبشر واستغلال الفقراء وعرقهم، وهو أمر غير مقبول ويستدعي تدخلا فوريا.
العمل هو حق من حقوق كل مواطن ومواطنة، والدولة ملزمة بتوفير تدابير ضرورية لضمان هذا الحق على أساس الكفاءة والإنصاف، ويجب أن يتلقى العامل أجره كاملا ومنصفا، دون أي تجارة أو استغلال يمارسه أصحاب العمل، كماينبغي أن تضمن الدولة العمل في ظروف لائقة وتعطي الأجور العادلة، وفقاً لما ورد في نص الدستور.
بالإضافة إلى ذلك، دعا الرئيس سعيّد إلى وضع حدّ للعقود المحدودة في العمل، حيث يحق للعامل الاستقرار والأمان والراتب العادل، وينبغي أن يكون للعامل الحق في الاستقرار والتطلع لمستقبل واضح، تمامًا كما يتمتع صاحب العمل بالاستقرار والأمان في أعماله.
ومن جانب آخر، يجب التركيز على مسألة التعديل الآلي للجرايات للمتقاعدين، خاصة في القطاع الخاص، فالمتقاعد الذي قدم سنوات طويلة من حياته في العمل لا يمكن أن يجازى بجراية تشبه تلك الممنوحة للعمال الشباب، و يتعين على المجتمع أن يعترف بالمساهمات القيمة التي قدمها المتقاعدون وأن يضمن لهم معاشًا كريمًا يتناسب مع ما أنفقوه طوال حياتهم المهنية.
ولتحقيق التغيير الحقيقي، يجب أن تتحمل الدولة مسؤوليتها في وضع قوانين وسياسات تحمي حقوق العمال وتضمن عدالة اقتصادية واجتماعية، وينبغي أيضا تعزالتركيز على توعية أصحاب العمل بأهمية توفير أجور عادلة وظروف عمل لائقة للعمال، كما يجب أن تتخذ الحكومة إجراءات قانونية صارمة لمكافحة الاستغلال والمناولة، وتفرض عقوبات رادعة على المخالفين، هذا و يتطلب ذلك أيضا تعزيز الرقابة وتفعيل آليات فعّالة للكشف عن حالات الاستغلال والتجارة بالبشر.
علاوة على ذلك، ينبغي أن يتم تعزيز الحوار والتعاون بين الحكومة ومنظمات العمال وأصحاب العمل للعمل سويا على تحقيق العدالة والتوازن في سوق العمل، كما يجب أن يشارك العمال في صنع القرار وتشكيل السياسات المتعلقة بحقوقهم ومصلحتهم.
في النهاية، يجب أن نتذكر أن العدالة الاقتصادية والاجتماعية هي أساس بناء مجتمع عادل ومزدهر، و يجب أن تكون الدولة على قدر المسؤولية في حماية حقوق العمال وتوفير فرص عمل لائقة ومنصفة للجميع، إن تحقيق هذا الهدف يتطلب التعاون والعمل المشترك من جميع الأطراف المعنية، وعلى رأسها الحكومة وأصحاب العمل والعمال، لبناء مستقبل أفضل وأكثر عدالة للجميع.
بقلم إيمان مزريقي
