الصفحة 4 من 4
وجود عسكري ظاهري
جميع التجارب الاستعمارية في التاريخ أثبتت أن الاحتلال عملية تتم على مهل، وهذا بالضبط ما تفعله تركيا في الصومال منذ 2009، فبعد أن كان وجودها هامشيا وتابعا لقوات الاتحاد الأفريقي، استطاعت أنقرة الولوج إلى مقديشو ليصبح وجودها رئيسيا ومستقلا.
ومنذ العام المذكور، اعتمدت المحاولات التركية لاختراق الصومال على وجود عسكري ظاهري، عبر محاولة الوجود في البعثات الدولية المكلفة بحفظ السلام، وبوابة المساعدات المالية والعسكرية لبعثة الاتحاد الأفريقي.
لكن مع الوقت، بدأت أطماع أنقرة الحقيقية تبرز وتؤكد أنها لن تقتصر على المساعدات الإنسانية والإنمائية فقط، وإنما تريد الحصول على موقع قدم صلب بالبلد المنكوب.
ووفق دراسة لدائرة البحوث البرلمانية الخاصة بالكونجرس الأمريكي 2018، فإن بداية الوجود التركي في الصومال جرى عبر المشاركة في فرقة العمل المشتركة 151 لمكافحة القرصنة في خليج عدن قبالة ساحل القرن الأفريقي، ضمن قوات من دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) عام 2009.
قبل ذلك، وتحديدا عقب الهجمات على برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك عام 2001، شاركت أنقرة مع واشنطن في بعثات إلى الصومال.
ولاحقا، أظهرت تركيا رغبتها في التوغل أكثر داخل الصومال، وذلك عبر لعب دور محوري في العملية السياسية والعسكرية بالبلاد، فدخلت على خط الصراع بين الحكومة والمجموعات المسلحة.
ثم في أبريل/نيسان 2012، انتزعت أنقرة اتفاقا عسكريا مع مقديشو لإنشاء قاعدة عسكرية، وحاولت إقناع واشنطن والاتحاد الأوروبي بتمويل الجيش الصومالي بدل القوة الدولية.
وحققت أنقرة في سبتمبر/أيلول 2017 تقدما مفزعا في تحقيق جزء مهم من مخططها في الصومال، بتأسيس أضخم قاعدة عسكرية تركية في الخارج على أرض مقديشو بموجب الاتفاق العسكري الموقع في 2012.
فيما تمضي اليوم بخطوات متسارعة نحو استنزاف موارد البلد الأفريقي الذي يبدو أنه يحاول الإفلات من إرهاب المسلحين والحرب الأهلية إلى إرهاب أردوغان.