رئيسة منظمة خيرية بيرطانية تصف تعامل السلطات الفرنسية مع مخيم اللاجئين في كاليه بتعامل النازيين مع اليهود
وصفت رئيسة لمنظمة خيرية في بريطانيا أعمال تفكيك مخيم كليه الفرنسي للاجئين، وتعامل السلطات الفرنسية مع المهاجرين واللاجئين فيه على أنه كما عامل النازيون اليهود خلال الحرب العالمية الثانية.
وقالت كلير موسلي، مؤسسة الجمعية الخيرية Care4Calais لصحيفة ديلي ميل "لا أريد التقليل من شأن ما حدث لليهود لأنه كان مروعا جدا، ولكن هناك أوجه شبه فيما يحصل". وأضافت أن "الطريقة التي يعامل الشعب الفرنسي فيها اللاجئين في بعض الأحيان كما يعامل القطيع، نحن نرى أعمالا لا إنسانية للغاية".
واستقبلت بريطانيا هذا الاسبوع نحو مئتي قاصر من دون مرافقين كانوا يقيمون في مخيم اللاجئين في كاليه بشمال فرنسا، وفق ما أعلن بيار هنري المدير العام لجمعية "فرانس تير دازيل". واوضح هنري انه من اصل 194 قاصرا تم استقبالهم في بريطانيا "افاد 141 من جمع الشمل العائلي"، لافتا الى ان ال53 الاخرين "ومعظمهم فتيات نقلوا السبت بوصفهم يعانون وضعا غير مستقر".
وذكرت وسائل الاعلام البريطانية انها المرة الاولى تنفذ بريطانيا هذه الالية التي نص عليها تعديل اقر في ايار/مايو، يتيح استقبال لاجئين قاصرين من دون مرافقين رغم افتقارهم الى رابط اسري. واضافت ان غالبية الفتيات اللواتي افدن من هذا الاجراء يتحدرن من اريتريا. والاحد، غادر 39 طفلا وفتى مخيم كاليه بينهم 22 فتاة في اطار جمع الشمل العائلي، بحسب هنري.
وقال متحدث باسم وزارة الداخلية البريطانية "اعطينا الاولوية من الاساس لنقل الاطفال الذين لديهم عائلات في بريطانيا في اطار اتفاقات دابلن. نبدأ الان بتطبيق الالية لاستقبال من ليس لديهم صلة عائلية مباشرة". واضاف "نعمل على المجيء بجميع الاطفال ذوي الاهلية في اسرع وقت"، رافضا كشف جنسية الاطفال الذين يتم استقبالهم وعددهم وامكنة وجودهم وكذلك موعد وصول الدفعة المقبلة.
18 شهرا من الاضطرابات في المخيم
وتبدأ السلطات الفرنسية بإزالة مخيم كاليه الذي اقيم مطلع 2015 في سياق ازمة الهجرة، ويتكدس في جوانبه بين 4600 و8100 شخص، ويشكل تجسيدا للنقاش حول اللاجئين. وكانت مدينة كاليه الواقعة في اوروبا القارية والاقرب الى السواحل البريطانية، في خضم مشاكل الهجرة اواخر التسعينيات مع مخيم سانغات الذي سكنته عائلات مهاجرين غالبيتها من كوسوفو.
وفي صيف 2013، لجأ اقل من 500 مهاجر الى منطقة المرفأ في هذه المدينة البالغ عدد سكانها 75 الف نسمة، آملين في الوصول الى بريطانيا، بسبب معرفتهم اللغة، للقاء اقاربهم او العمل في السوق السوداء.
واواخر 2014، ارتفع العدد الى ما يفوق الالفين، ومعظمهم من غير المتزوجين الوافدين من افريقيا وسوريا وافغانستان. وحيال هذا التدفق الذي اثار استياء متزايدا لدى السكان، فتحت مديرية با دو كاليه في 15 كانون الثاني/يناير 2015 مركز استقبال خلال النهار، وعمدت الى توزيع وجبة مجانية.
وهو مركز جول فيري السابق المكيف الذي يبعد حوالى الساعة مشيا عن شرق وسط المدينة، قرب الكثبان الرملية. وفي تلك الفترة، غالبا ما كان اللاجئون يواجهون صعوبات في العثور على المركز. ثم بدأوا بالاستقرار قربه في ما اطلقوا عليه تسمية "المخيم الجديد" الذي تغض السلطات النظر عنه. وتنتقد المنظمات غير الحكومية هذا المخيم الذي تسميه "سانغات بلا سطح" قرب الطريق الدائري، وسط ارض بور تعصف بها الرياح.
وتم اجلاء المقيمين في "مخيمين صغيرين" في وسط المدينة، فاضطر هؤلاء الى التوجه الى "مخيم البور"، كما تسميه السلطات المختصة.
وفي بداية حزيران/يونيو، اندلعت اولى المشاجرات بين المجموعات، وشارك فيها بين 200 الى 300 شخص، في ما اصبح "مدينة" صفيح انشئت فيها كنيسة ومسجد ومحلات بقالة ومطاعم.
صيف حار
ميداينا، توتر الوضع تمهيدا لصيف "حار". فالوفيات بين المهاجرين تتزايد على الطريق الدائرية وفي موقع النفق تحت المانش، لدى محاولات تسلق الشاحنات. وقد احصيت 2000 عملية تسلل في الليلة الواحدة الى هذا الموقع.
وتوجه وزير الداخلية برنار كازنوف ونظيرته البريطانية آنذاك تيريزا ماي الى كالية في 20 آب/اغسطس، واتفقا على انه "لن تكون هناك عمليات تسلل".
ونتيجة التدابير الامنية في موقع النفق وعلى الطريق الدائري، بات المهاجرون يواجهون صعوبة في العبور بطريقة غير شرعية، وتضاعف عدد المهاجرين. ففي منتصف تشرين الاول/اكتوبر، ارتفع العدد الى 6000. والصدمة التي اثارتها صورة الطفل الكردي ايلان، ادت الى تدفق المساعدات والمتطوعين.
واواخر تشرين الاول/اكتوبر 2015، طالبت رئيسة بلدية كاليه ناتاشا بوشار بتدخل الجيش لكن طلبها لم يلب. ودعا القضاء الاداري الذي لجأت اليه منظمات غير حكومية الدولة الى الاهتمام بمختلف المرافق الصحية. وحرصا منها على التخفيف من الاكتظاظ في كالية، قامت السلطات بأولى عمليات ترحيل المهاجرين بالحافلات الى مراكز استقبال وتوجيه.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر، سجلت يوميات مخيم كاليه صدامات عنيفة بين مهاجرين وعناصر من الشرطة، وقد انتقدت السلطات ما يقوم به الناشطون اليساريون المتطرفون من منظمة "نو بوردر". وفي سبيل تهدئة الوضع الميداني، قررت السلطات تأمين شروط اقامة افضل من خلال مركز استقبال مؤقت من مستوعبات يستضيف 1500 شخص.
عزل القاصرين
وعلى خط مواز، عمدت السلطات الى اخلاء شريط طوله 100 متر على طول الخط الدائري، من اجل ضمان رؤية افضل لقوات الامن. وفي ظل حماية الشرطة، بدأ تفكيك المخيم في المنطقة الجنوبية (8،5 هكتارات) في 29 شباط/فبراير. واستمرت اسبوعين العملية التي شهدت تحركا احتجاجيا لايرانيين لاجئين.
وفي مطلع اذار/مارس في باريس، تظاهر 500 من سكان كاليه الذين ازعجهم تحول مدينتهم عناوين كبرى لأحداث الساعة. وفي هذا الملف الخاضع للتسييس، جذبت كاليه المتطرفين. فالجنرال كريستيان بيكمال قد تعرض للاستجواب لانه شارك في تجمع معارض للمهاجرين، فيما تجري الشرطة تحقيقا حول اعتداءات ليلية غامضة على مهاجرين.
وتوجه فنانون امثال جود لو وجوردي سافال وبانكسي، الى "المخيم" دعما للاجئين. وخلال الربيع، ارتفعت حدة التوتر لدى ظهور حواجز من جذوع الشجر لعرقلة الشاحنات التي تسلك الطريق الدائري.
وفي الخريف، تسارعت الاحداث. فقد قام السائقون والمزارعون والتجار بعملية احتجاج على الطريق، وبني جدار "للحد من التسلل" على طول الطريق الدائري. وفي 26 ايلول/سبتمبر، اعلن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ازالة المخيم "قبل نهاية السنة" فوافقه القضاء الاداري على ذلك في 18 تشرين الاول/اكتوبر.
بمساهمة: ا.ف.ب