الآباء ينقلون أنماط التفكير الإيجابية ويساعدون أبناءهم على تعزيز صورة ذاتية إيجابية لأنفسهم.
برلين - يميل بعض الأشخاص إلى ملاحظة الجوانب السيئة في أغلب الأمور، كرؤيتهم الدائمة لنصف الكوب الفارغ بدلا من نصفه الممتلئ.
ورغم أن هذه النوعية من الأشخاص لا يشعرون بالسعادة عندما تكون الشمس مشرقة، فإنهم يشعرون بالانزعاج عندما يرد في توقعات الأرصاد أن الطقس سيكون ممطرا طوال أيام الأسبوع. كما أنهم لا يستمعون لمن يمدحهم في العمل، ولكنهم ينتبهون فقط لمن ينتقدهم.
ويوضح أندرياس هاغيمان، وهو متخصص في الطب النفسي والعلاج النفسي، أنه غالبا ما يتم تعلم تلك الأنماط من التفكير في مرحلة الطفولة، وبالتالي يكون من الصعب تغييرها. ولكن هناك طرق للخروج من هذه الدوامة السلبية.
وبحسب الخبير النفسي، فإن التعليم له دور مهم في تنمية مثل هذا التفكير السلبي. وعلى الأرجح، يكون أغلب الآباء على دراية بالموقف التالي: عندما يكونون مشغولين، ثم يأتيهم طفلهم إلى الغرفة لأنه يريد شيئا، فإن رد فعلهم قد يحدث بطريقة حادة، فيقولون له “اذهب والعب في مكان آخر، إنك تعطلنا”!
ويتذكر الصغار مثل هذه المواقف، لاشعوريا. وفي حال ظلت تلك المواقف تحدث طوال الوقت، فقد يؤدي ذلك إلى تفكير الطفل على نحو “أنا سبب في تعطيل أبي وأمي وهما لا يرغبان في إضاعة وقتهما علي وعلى أسئلتي”.
ويقول هاغيمان “إذا اعتاد الطفل على التفكير بهذه الطريقة أثناء طفولته، وترسخ ذلك في ذهنه، فإن الأمر قد يتحول إلى مشكلة”.
لهذا السبب، يقول هاغيمان إنه من المهم أن يستمع الآباء إلى أطفالهم، وأن يكونوا منتبهين لهم. ويعني ذلك أن الآباء ينقلون أنماط التفكير الإيجابية، ويساعدون أبناءهم على تعزيز صورة ذاتية إيجابية لأنفسهم.
ولكن هذا النوع من الأبوة اليقظة يعد صعبا بشكل خاص بالنسبة إلى الآباء الذين يعانون من الاكتئاب. وبحسب هاغيمان، فإن أطفالهم عادة ما يكونون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب أيضا.
من ناحية، يحدث ذلك بسبب فرضية أن الميول الاكتئابية، وراثية. ومن ناحية أخرى، يقول الخبير النفسي إنه إذا قام الوالدان بإخبار ابنهما وهو صغير، بأن الأنماط السلوكية الاكتئابية هي “طريقة” للتعامل مع المشاكل، فإنه قد يمارسها بنفسه لاشعوريا.
ويقول هاغيمان “بالإضافة إلى ذلك، فإن الآباء الذين يعانون من الاكتئاب، غالبا ما يكونون غير قادرين على نقل المهارات العاطفية التي يحتاجون لها إلى أطفالهم، وذلك مثل ممارسة المرونة، والاعتداد بالنفس”.
ومع ذلك، يوضح أيضا أنه “لا يمكن أبدا الجزم بأن أحد العوامل على وجه الخصوص هو السبب في حال أصيب المرء بالاكتئاب”، حيث أن العوامل الجينية والبيئية تلعب دورا في ذلك أيضا، ولا يمكن أن يحدث الاكتئاب إلا عندما يجتمع الاثنان سويا، مضيفا أن “الوضع العالمي الحالي، على سبيل المثال، مخيف وعامل بيئي واضح”.
ولكن، كيف يمكن للمرء كسر أنماط التفكير السلبية في الحياة اليومية؟ يقول هاغيمان إن “هناك بعض الأمور الصغيرة التي يمكن القيام بها”، مستشهدا بـ”مفكرة السعادة” كمثال.
ويقول “اجلس لبضع دقائق كل مساء، وفكر في ما جعلك سعيدا أثناء فترة النهار”. قد يكون ذلك التفكير في تفاصيل مثل احتساء مشروب كابتشينو ساخن ولذيذ، أو ابتسامة من جار لك، أو رؤية طائر جميل من الشرفة.
ويوضح هاغيمان أن “المشكلة هي أنه في حال ركز المرء على الجانب السلبي للأمور، فإنه سوف يلاحظ – بالكاد – كل الأمور الإيجابية في الحياة اليومية”. ولكنه إذا جعل نفسه يدرك الأمور الإيجابية، فإنه سيتمكن من تدريب نفسه على رؤية الإيجابيات في الحياة اليومية من جديد.
وأضاف “يمكن للمرء أيضا أن يقوم بذلك من خلال التفاعل مع شريك حياته وإخباره بشأن تجاربه الإيجابية”.