تأييد النهضة وزعيمها الغنوشي لثورة الإسلامية ففي الثمانينيات كان يطلق على أعضاء حركة النهضة في تونس اسم 'الإيرانيين' إشارة إلى الدعم الحزبي.
خلاصة من بحث: ياسين بوشوار وجمال الصيفي'تحولات الموقف التونسي من التشيع (1981 – 2016)'، ضمن الكتاب 115 (يوليو 2016) ''الشرطة الدينية الجزء الثَّاني' الصادر عن مركز المسبار للدراسات والبحوث- دبي.
عرفت العلاقات التونسية- الإيرانية توترا مع بداية الثمانينيات من القرن الماضي، بينما توطدت علاقة طهران بحركة "النهضة الإسلامية" في تونس. غير أن هذا الوضع انعكس مع بداية التسعينيات من القرن نفسه، فتقرّب النظامان على حساب علاقة طهران بالحركة، من أبرز مناصريها في منطقة المغرب العربي. وانتهى الأمر بأن اعتذرت طهران عن استقبال الشيخ راشد الغنوشي، معللة ذلك بأنه يسيء لعلاقتها مع تونس.
ولعل أبرز موقف من الثورة الإسلامية بإيران في المغرب العربي -بعد موقف الجزائر الرسمي- كان تأييد حركة النهضة وزعيمها الغنوشي لثورة آية الله روح الله الموسوي الخميني والاحتفاء بها. وفي الثمانينيات كان يطلق على أعضاء حركة النهضة في تونس اسم "الإيرانيين".
منذ سنة 1990 أعادت الدولتان علاقتهما الدبلوماسية، وتجسد تطور ونمو علاقتي البلدين في عديد من المجالات، حيث تم إنشاء لجنة مشتركة دائمة تنعقد كل ستة أشهر برئاسة نائب رئيس الجمهورية الإيرانية والوزير الأول التونسي، أي بمعدل اجتماع سنوي في كل عاصمة. ويقام بشكل متزامن مع انعقاد اللجنة الدوري منتدى سنوي يضم عددا كبيرا من رجال أعمال الدولتين.
عبرت تونس في العديد من المناسبات عن موقفها الداعم لإيران في حقها في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية، وكانت من أولى الدول العربية المرحبة بتوقيع الاتفاق النووي، حيث قالت الخارجية: إن "تونس ترحب بتوصل إيران والمجموعة السداسية إلى توقيع اتفاق نهائي حول برنامج إيران النووي، ينهي أزمة تواصلت لأكثر من عقد من الزمن، ويسهم في بناء الثقة بين جميع الأطراف، ويضمن أسباب الأمن والاستقرار في المنطقة". كما شددت الوزارة "على حق جميع بلدان العالم في امتلاك التكنولوجيا النووية لأغراض سلمية، وذلك في نطاق الاحترام الكامل للاتفاقيات الدولية والشروط والضمانات التي تعمل بمقتضاها الوكالة الدولية للطاقة الذرية".
شهدت العلاقات بين تونس وإيران عديد مراحل الشد والجذب، إلا أنها في مجملها علاقات قوية يشيد بها كلا الجانبين، حيث عرفت العلاقات التونسية- الإيرانية توترا مع بداية الثمانينيات من القرن الماضي، وخاصة بعد قيام الثورة في إيران، حيث لم يكن الرئيس التونسي الأسبق "الحبيب بورقيبة" متحمسا لها.
مع قيام الثورة التونسية عام 2011، كانت إيران من أبرز المرحبين بها، حيث اعتبر الرئيس الإيراني السابق "أحمدي نجاد" أن الثورة التونسية هي ثورة شعب انتفض ضد الديكتاتور المدعوم من الغرب، واستقبلت طهران بعد الثورة مباشرة بعض النخب الثقافية والسياسية والسنمائية التونسية، وذلك لتطوير العلاقات بين هذه النخب ونظيراتها الإيرانية.
تراجعت العلاقات الاقتصادية بين تونس وإيران بعد فرض العقوبات الأممية على طهران؛ إلا أنه على الرغم من ضعف المبادلات الاقتصادية التونسية الإيرانية، فقد شهدت الأعوام القليلة الماضية تطورا سريعا في مجال المبادلات الثقافية والعلمية.
عموما، يتضح أن العلاقات الإيرانية- التونسية كانت علاقات جيدة -إلى حد ما- على الرغم من بعض التوترات التي شهدتها بعد الثورات التي عرفها كل من إيران وتونس، وقد حكمت هذه العلاقة طبيعة الجغرافيا السياسية، إذ يمكن اعتبار أن جميع الدول المغاربية كانت -إلى حد ما- متشابهة في تطور ومسار علاقتها الخارجية بإيران، ويمكن أن نستثني من هذا الطرح الجزائر، التي بعكس المغرب وتونس، طبعها انتقال من النقيض إلى النقيض.