الصفحة 1 من 3
نداء تونس يدعو لتشكيل حكومة جديدة دون حركة النهضة، والإسلاميون على خطى التيارات اليسارية والقومية في التشظي.
تشير التطورات في المشهد السياسي التونسي إلى أن البلاد دخلت في مرحلة سياسية جديدة، من حيث طبيعة الصراعات والحكم ووجوه هذا المشهد بعد انتهاء التوافق بين حركة نداء تونس وحركة النهضة، وتداعيات هذا التوافق مع ما أعقبه على الحركتين، اللتين تشهد كل منهما اليوم هشاشة داخلية تلقي بظلالها على القرارات العامة التي تخص كل المشهد السياسي. وتجلّى ذلك، في عديد التصريحات، التي يعدّ أبرزها خطاب رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، الذي فشل هذه المرة في ممارسة براغماتية تمسك بكل أطراف المشهد، وبدت واضحة الخلافات الداخلية التي تمرّ بها الحركة.
تونس – لم تكن دعوة رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي إلى استصدار عفو عام على قيادات بارزة في عهد الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي مجرد مناورة للإلهاء السياسي أو لاختطاف الأضواء في مشهد سياسي وإعلامي يتعامل مع الأحداث بشكل بافلوفي، حيث يمكن لأي حدث عرضي أن يصرف الأنظار عن خطط أو برامج يجري تمريرها.
واستبقت النهضة خطاب الغنوشي، أمام المئات من قيادات الحركة، بحملة إعلامية غير معهودة تجاه الحدث لتبدو المناسبة وكأنها مؤتمر استثنائي، وكلمة رئيس حركة النهضة وكأنها فارقة في تاريخ التنظيم الإسلامي الذي لا يزال يتعثر للانتقال بشكل نهائي من السرية إلى العلنية.. فالغنوشي هو الوجه الوحيد الذي ينتظر أنصاره تصريحاته تماما مثلما كانوا في السرية يتلقفون بياناته وأشرطته المسجلة وكأنها وحي. كما أن مواقفه هي الوحيدة التي يقرأها الخصوم على أنها ملزمة للنهضة، أما البقية فاجتهادات أو مواقف يمكن تغييرها وفق حسابات “الشيخ”.
ومن المرات القلائل التي يكتب فيها الغنوشي كلمته ويقرأها حرفيا، وهو ما يعني أن بها رسائل دقيقة إلى جهات يريد لفت نظرها أو استرضاءها. ولم ينقضِ يوم السبت حتى تأكد أن الخطاب استباق للتصعيد الذي أظهره بيان غاضب من نداء تونس، الحزب الحاكم، المتخلي عن الحكم احتجاجا على تحالف النهضة مع رئيس الحكومة يوسف الشاهد، والبيان لا يمكن أن يفهم على أنه حماس فياض من الوافدين الجدد للحزب، أو للتحالف الوليد بين حافظ قائد السبسي وسليم الرياحي.
يبدو أن وراء البيان ما وراءه، وربما هو بداية فعلية لاستدارة “السيستام” عن حركة سعى لاستيعابها فلم تنجح عملية التذويب والانصهار. وبينما يضغط الحرس القديم داخل النهضة للعودة إلى مربع الجماعة والثورة، فإن الغنوشي يتحرك بهدف آخر مغاير تماما ويهدف إلى استرضاء القوى التقليدية المهيمنة على الدولة، ومنع التحالفات التي تهدف إلى إثارة غضبها ضد حركة النهضة خاصة بعد فك التوافق مع الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي وما تبعه من تسريبات عن توعده بمعاقبة الحركة.