الصفحة 2 من 3
تنظير نشر الإحباط
يتفق علماء الاجتماع على مجموعة من الخصائص التي تتسم بها الشخصية الشابة، من أهمها: خاصية الرفض والتمرد كما أنها مفعمة بالتوتر والقلق وعدم الاستقرار والحساسية المفرطة لكل ما هو جديد ويتسم الشباب بالرومانسية والخيال والإيمان بالمُثل، إلى جانب الجرأة وحب المغامرة.
ولا يمكن أن تقاس حيوية أُمّة من الأمم، دون اعتبار الشباب معيارًا رئيسًا وثابتًا أساسيًا لهذا المقياس. لا يعني بذلك نسبة وجود الشباب في مجتمع من المجتمعات، أو دولة من الدول، مع الأهمية البالغة لمراعاة تلك النسبة، ولكن يعني نسبة تأثير الشباب في مجتمعاتٍ ودولٍ تمثل صورة الفعل/الحراك الإنساني لهذه الأمم.
وتقول ممثلة الأمين العام لجامعة الدول العربية، رئيس القطاع الاجتماعي في الجامعة نانسي باكير إن الشباب الذين هم في سن 15- 24 يشكلون سدس سكان العالم، وهذه أعداد كبيرة تتطلّب الرعاية والمتابعة، لأن الشباب يشكلون نصف الحاضر وكل المستقبل، ونحن نشكل الماضي ونصف الحاضر، وهم ليسوا مشكلة بل هم الحل، ولأن المبدع يمكن أن يساهم في الفكر والإنتاج والعديد من المجالات الأخرى.
ولا يعتبر المجتمع التونسي استثناء إذ يمثل الشباب حوالي نصف التركيبة السكانية في البلاد، والمقصود بالشباب هنا، الفئة العمرية بين 15 سنة و35 سنة.
وتعتبر تونس، التي يبلغ عدد سكانها حوالي 11 مليون نسمة، دولة فتية ديموغرافيًا حيث تبلغ نسبة الشباب من الفئة العمرية (من 15 إلى 30 سنة) 29 بالمئة من إجمالي السكان وإذا أضفنا إليها الشريحة العمرية من (30 إلى 35 سنة) تتجاوز النسبة الإجمالية للشريحة الشابة الأكثر حراكًا وديناميكية ما مجمله 40 بالمئة من جملة السكان ما يجعلهم القوة الناخبة والمؤثرة الأهم في الحياة السياسية والاجتماعية للبلاد ورغم هذا فإن الدراسات حول المشاركة السياسية للشباب تشير إلى إحباط في صفوف هذه الشريحة وتوجّه عام إلى العزوف عن المشاركة في القرارات الحزبية وعدم ثقة في المشاركة إلى جانب غياب الوعي الكافي بمجريات العملية الانتخابية رغم أن المشاركة السياسية تعتبر أساس الديمقراطية والتعبير الواضح عن مبدأ سيادة الشعب.
وقد ظهرت نتائج سبر آراء قامت به منظمة “أنا يقظ” حول الديمقراطية التشاركية والحوكمة المحلية في تونس أن أكثر من ثلثي الشباب ليس لديهم ثقة في الأحزاب السياسية. وكشفت المنظمة أن 69 بالمئة من الشباب التونسي لا يثقون في الأحزاب.بعد ثورة 14 يناير 2011 كان سقف الأحلام مرتفعا جدا وحجم المطالب عميقا للغاية، لكن بعد سنوات بات السقف هوة عميقة.
يقول رياض جراد عضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام لطلبة تونس الناطق الرسمي باسم حملة “السترات الحمراء” في تونس التي تستلهم احتجاجات “السترات الصفراء في فرنسا”، “إن فكرة الحملة راودتنا بعد أن لاحظنا تأثر الشباب خصوصا والشعب التونسي عموما بما يحدث في فرنسا خاصة أن الفرنسيين يعيشون رفاها اقتصاديا واجتماعيا واستقرارا سياسيا مقارنة بالتونسيين الذين يعانون أوضاعا اقتصادية واجتماعية وسياسية خطيرة ومتردية”.
وتسعى الحملة التي بدأت في فيسبوك إلى إخراج التونسيين إلى الشوارع للثورة على نظام الحكم الذي استأثر به حزب حركة النهضة وفق جراد.
ولا يعتبر الناطق الرسمي باسم الحملة في تصريحات خاصة بـ”العرب” ذلك انقلابا على صناديق الاقتراع التي أفرزت حكومة منتخبة، مؤكدا أن الحملة هدفها إصلاحي على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.
ويقر المتحدث أن الحملة “تلقى تفاعلا مهما ودعما كبيرا من الشباب التونسي وفئات واسعة من الشعب المفقر والمهمش”.
ويقول المتحدث إن الشباب في تونس قادر على التغيير وذلك يمر حتما عبر ترسيخ الوعي بخطورة الوضع الحالي.
ورغم أن تونس تتحسس خطواتها الأولى في طريق الديمقراطية فإن الناطق الرسمي باسم حملة “السترات الحمراء”، يقول “حسب رأيي ليس هناك أي معنى للديمقراطية دون توفير الشروط الملائمة لها التي تتمثل أساسا في حد أدنى لازم من الرفاه، ثم ليس من الضروري أن نختزل الديمقراطية في صندوق الاقتراع، حيث يمكن ترسيخها بتفويض شعبي على غرار ما حدث في مصر واستلام الرئيس عبدالفتاح السيسي سدة الحكم وهي في اعتقادنا تجربة تدرس اليوم”.
ويعارض شباب تونسيون ما قاله جراد، مؤكدين أن مصر لا تعتبر مثالا يحتذى به فلا هي استطاعت أن تسير على طريق الديمقراطية بما أنها تراجعت خطوات عملاقة إلى الوراء في مجال الحريات ولا هي استطاعت أن تكون دولة رفاه لمواطنيها إذ تضاعفت نسبة الفقر وزاد عدد الفقراء.
ودافع هاشم (35 عاما) على ما حققته تونس قائلا “لقد ذهبت تونس بعيدا في مجال الحريات، يجب أن نصبر لأن بلادنا بلا موارد اقتصادية تذكر شبابها هم ثروتها الحقيقية”.